للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه ذو العقدة، وهو قول عكرمة (١).

والثالث: أنها الأشهر الحرم، وهو قول قتادة (٢).

قوله تعالى: {وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ} [المائدة: ٢]، أي: "ولا تستحلوا ما أُهدي إِلى البيت أو قُلّد بقلادة -ليعرف أنه هدي- بالتعرض له ولأصحابه" (٣).

الهدي: " فهو ما أهداه المرء من بعيرٍ أو بقرة أو شاة أو غير ذلك، إلى بيت الله، تقرُّبا به إلى الله، وطلبَ ثوابه" (٤).

وأما «الهدي»، ففيه قولان:

أحدهما: أنه كل ما أهداه من شيء إلى بيت الله تعالى (٥).

والثاني: أنه ما لم يقلّد من النعم، وقد جعل على نفسه، أن يُهديه ويقلده، وهو قول ابن عباس (٦).

وأما «القلائد»، ففيها ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنها قلائد الهدْي، وهو قول ابن عباس (٧).

قال ابن عباس: " القلائد، مقلَّدات الهدي. وإذا قلَّد الرجل هديه فقد أحرم. فإن فعل ذلك وعليه قميصه، فليخلَعْه (٨).

والثاني: أنها قلائد من لحاء الشجر، كان المشركون إذا أرادوا الحج قلدوها فى ذهابهم إلى مكة، وعَوْدهم ليأمنوا، وهذا قول قتادة (٩).

والثالث: أن المشركين كانوا يأخذون لحاء الشجر من الحرم إذا أرادوا الخروج منه، فيتقلدونه ليأمنوا، فَنُهوا أن ينزعوا شجر الحرم فيتقلدوه، وهذا قول عطاء (١٠)، ومجاهد (١١)، والسدي (١٢)، وابن زيد (١٣).

قال قال عطاء: " كان المشركون يأخذون من شجر مكة، من لحاء السَّمُر، فيتقلدونها، فيأمنون بها من الناس. فنهى الله أن ينزع شجرها فَيُتَقَلَّد" (١٤).

قال مُطرِّف بن الشخير: " كان المشركون يأخذون من شجر مكة، من لِحاء السمر، فيتقلدون، فيأمنون بها في الناس. فنهى الله عز ذكره أن يُنزع شجرها فيتقلَّد" (١٥).

قال الزجاج: كانوا يقلدون بلحاء الشجر ويعتصمون بذلك وهذا كله كان للمشركين، وكان قد أمر المسلمون بأن لا يحلوا هذه الأشياء التي يتقرب بها المشركون إلى الله" (١٦).

قال الطبري: " والذي هو أولى بتأويل قوله: " ولا القلائد " إذ كانت معطوفة على أول الكلام، ولم يكن في الكلام ما يدلّ على انقطاعها عن أوله، ولا أنه عنى بها النهي عن التقلد أو اتخاذ القلائد من شيء أن يكون معناه: ولا تُحِلّوا القلائد، فإذا كان ذلك بتأويله أولى، فمعلوم أنه نَهْيٌ من الله جل ذكره عن استحلال حرمة المقلَّد، هديًا كان ذلك أو إنسانًا، دون حرمة القلادة.


(١) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٤٧): ص ٩/ ٤٦٦.
(٢) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٦٧): ص ٩/ ٤٧٦.
(٣) صفوة التفاسير: ٣٠١.
(٤) تفسير الطبري: ٩/ ٤٦٦.
(٥) انظر: تفسير الطبري: ٩/ ٤٦٦.
(٦) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٤٨): ص ٩/ ٤٦٧.
(٧) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٤٩): ص ٩/ ٤٦٧.
(٨) أخرجه الطبري (١٠٩٤٩): ص ٩/ ٤٦٧.
(٩) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٥٠): ص ٩/ ٤٦٨.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٥١): ص ٩/ ٤٦٨.
(١١) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٥٢)، و (١٠٩٥٣): ص ٩/ ٤٦٨.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٥٤): ص ٩/ ٤٦٨.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٥٥): ص ٩/ ٤٦٩.
(١٤) أخرجه الطبري (١٠٩٥٦): ص ٩/ ٤٦٩.
(١٥) أخرجه الطبري (١٠٩٥٧): ص ٩/ ٤٦٩.
(١٦) معاني القرآن: ٢/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>