للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطبري: أي: " يسألك، يا محمد، أصحابك: ما الذي أحل لهم أكله من المطاعم والمآكل؟ " (١).

قال الزمخشري: " معناه: ماذا أحل لهم من المطاعم، كأنهم حين تلا عليهم ما حرم عليهم من خبيثات المآكل سألوا عما أحل لهم منها" (٢).

قال ابن كثير: " لما ذكر تعالى ما حرمه في الآية المتقدمة من الخبائث الضارة لمتناولها، إما في بَدَنِه، أو في دينه، أو فيهما، واستثنى ما استثناه في حالة الضرورة، كما قال: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] قال بعدها: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} كما قال في سورة الأعراف في صفة محمد صلى الله عليه وسلم: أنه {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الآية: ١٥٧] " (٣).

قوله تعالى: {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٤]، أي: " قل لهم: أُحِلَّ لكم الطيبات" (٤).

قال الطبري: اي: " فقل لهم: أحِل لكم منها الطيبات، وهي الحلال الذي أذن لكم ربكم في أكله من الذبائح" (٥).

قال الزمخشري: " الطيبات، أى: ما ليس بخبيث منها، وهو كل ما لم يأت تحريمه في كتاب أو سنة أو قياس مجتهد" (٦).

قال سعيد بن جبير: " يعني: الذبائح الحلال الطيبة لهم" (٧).

قال مقاتل بن حيان: "فـ {الطيبات}، ما أحل لهم من كل شيء أن يصيبوه، وهو الحلال من الرزق. وقد سئل الزهري عن شرب البول للتداوي فقال: ليس هو من الطيبات" (٨).

وقال ابن وَهْبٍ: "سئل مالك عن بيع الطين الذي يأكله الناس. فقال: ليس هو من الطيبات" (٩).

قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤]، أي: " وصيدُ ما دَرَّبتموه من ذوات المخالب والأنياب من الكلاب والفهود والصقور ونحوها مما يُعَلَّم" (١٠).

قال الطبري: أي: " وأحل لكم أيضًا مع ذلك، صيدُ ما علّمتم من الجوارح، وهن الكَواسب من سباع البهائم" (١١).

و«الطير»: سميت جوارح، لجرحها لأربابها، وكسبها إيّاهم أقواتَهم من الصيد. يقال منه: جرح فلان لأهله خيرًا، إذا أكسبهم خيرًا، وفلان جارِحَة أهله، يعني بذلك: كاسبهم، ولا جارحة لفلانة، إذا لم يكن لها كاسب، ومنه قول أعشى بني ثعلبة (١٢):

ذاتَ حَدٍّ مُنْضِجٍ مِيسَمُهَا ... تُذْكِرَ الجَارِحَ مَا كَانَ اجْتَرَحْ

يعني: اكتسب (١٣).

واختلف في الجوارح التي عنى الله تعالى بقوله: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤]، على ثلاثة أقاويل:


(١) تفسير الطبري: ٩/ ٥٤٣.
(٢) الكشاف: ١/ ٦٠٦.
(٣) تفسير ابن كثير: ٣/ ٣٢.
(٤) التفسير الميسر: ١٠٧.
(٥) تفسير الطبري: ٩/ ٥٤٣.
(٦) الكشاف: ١/ ٦٠٦.
(٧) تفسير ابن كثير: ٣/ ٣٢.
(٨) سنن أبي داود برقم (٢٨١٧)، وتفسير ابن كثير: ٣/ ٣٢.
(٩) تفسير ابن كثير: ٣/ ٣٢.
(١٠) التفسير الميسر: ١٠٧.
(١١) تفسير الطبري: ٩/ ٥٤٣.
(١٢)) ديوانه: ١٦٤، وهي من قصيدة له طويلة، مجد فيها إياس بن قبيصة الطائي، ملك الحيرة.
(١٣) انظر: تفسير الطبري: ٩/ ٥٤٣ - ٥٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>