للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: يعني من الكلاب دون غيرها من السباع، وأنه لا يحل إلا صيد الكلاب وحدها، وهذا قول ابن عمر (١)، والضحاك (٢)، والسدي (٣).

والثاني: أن التكليب من صفات الجوارح من كلب وغيره، ومعناه مُضْرِين على الصيد كما تَضْرِي الكلاب، وهو قول ابن عباس (٤)، وعلي بن الحسين (٥)، وعبيد بن عمير (٦)، والحسن (٧)، ومجاهد (٨)، وخيثمة بن عبد الرحمن (٩)، وطاوس (١٠).

والثالث: أن معنى التكليب من صفات الجارح: التعليم (١١).

والراجح-والله اعلم- انه يشمل "كل ما صاد من الطير والسباع فمن الجوارح، وأنّ صيد جميع ذلك حلال إذا صادَ بعد التعليم، لأن الله جل ثناؤه عم بقوله: وما علمتم من الجوارح مكلبين، كلَّ جارحة، ولم يخصص منها شيئًا. فكل جارحة، كانت بالصفة التي وصف الله من كل طائر وسبع، فحلال أكل صيدها" (١٢).

قال ابن كثير: " والمحكي عن الجمهور أن صيد الطيور كصيد الكلاب؛ لأنها تَكْلَبُ الصيد بمخالبها كما تكلبه الكلاب، فلا فرق. وهذا مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم" (١٣).

قال عدي بن حاتم قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي، فقال: ما أمسك عليك فَكُل" (١٤).

واستثنى الإمام أحمد صيد الكلب الأسود؛ لأنه عنده مما يجب قتله ولا يحل اقتناؤه؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَقْطَع الصلاةَ الحمارُ والمرأةُ والكلبُ الأسودُ" فقلت: ما بال الكلب الأسود من الأحمر؟ فقال: "الكلب الأسود شيطان" وفي الحديث الآخر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، ثم قال: "ما بالهم وبال الكلاب، اقتلوا منها كل أسود بَهِيم" (١٥) (١٦).

وقرئ: «مكلبين»، بالتخفيف (١٧).

قوله تعالى: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: ٤]، أي: " تعلمونهن طلب الصيد لكم، مما علمكم الله" (١٨).

قال السدي: " يقول: تعلمونهن من الطَّلب كما علمكم الله" (١٩).

قال الطبري: أي: " تؤدِّبون الجوارح فتعلمونهن طلب الصيد لكم مما علمكم الله، يعني بذلك: من التأديب الذي أدَّبكم الله، والعلم الذي علمكم" (٢٠).


(١) انظر: تفسير الطبري (١١١٥٥): ص ٩/ ٥٤٩.
(٢) انظر: تفسير الطبري (١١١٥٣): ص ٩/ ٥٤٩.
(٣) انظر: تفسير الطبري (١١١٥٤): ص ٩/ ٥٤٩.
(٤) انظر: تفسير الطبري (١١١٤٩): ص ٩/ ٥٤٨، و (١١١٥١): ص ٩/ ٥٤٩.
(٥) انظر: تفسير الطبري (١١١٤٧): ص ٩/ ٥٤٨.
(٦) انظر: تفسير الطبري (١١١٥٢): ص ٩/ ٥٤٩.
(٧) انظر: تفسير الطبري (١١١٣٧)، و (١١١٣٨): ص ٩/ ٥٤٦.
(٨) انظر: تفسير الطبري (١١١٣٩) - (١١١٤٤): ص ٩/ ٥٤٧.
(٩) انظر: تفسير الطبري (١١١٤٥)، و (١١١٤٦): ص ٩/ ٥٤٨.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (١١١٥٠): ص ٩/ ٥٤٨.
(١١) انظر: النكت والعيون: ٢/ ١٥.
(١٢) تفسير الطبري: ٩/ ٥٤٩ - ٥٥٠.
(١٣) تفسير ابن كثير: ٣/ ٣٢.
(١٤) أخرجه الطبري (١١١٥٦): ص ٩/ ٥٥٠.
(١٥)) صحيح مسلم برقم (١٥٧٣) وسنن أبي داود برقم (٧٤) وسنن النسائي (١/ ١٧٧) وسنن ابن ماجة برقم (٣٦٥).
(١٦) انظر: تفسير ابن كثير: ٣/ ٣٣.
(١٧) انظر: الكشاف: ١/ ٦٠٧.
(١٨) التفسير الميسر: ١٠٧.
(١٩) أخرجه الطبري (١١١٥٧): ص ٩/ ٥٥٢.
(٢٠) تفسير الطبري: ٩/ ٥٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>