للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: " أي: لتشكروا نعمته فتقبلوا على طاعته" (١).

قال الطبري: " يقول: لكي تشكروا الله على نعمه التي أنعمها عليكم بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم" (٢).

قال ابن كثير: " أي: لعلكم تشكرون نعمَه عليكم فيما شرعه لكم من التوسعة والرأفة والرحمة والتسهيل والسماحة" (٣).

وقد وردت السنة بالحث على الدعاء عقب الوضوء، بأن يجعل فاعله من المتطهرين الداخلين في امتثال هذه الآية الكريمة (٤)، كما رواه الإمام أحمد ومسلم وأهل السنن، عن عقبة بن عامر قال: "كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نَوْبَتي فَرَوَّحتها بعَشِيّ، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يحدث الناس، فأدركت من قوله: "ما من مسلم يتوضأ فيحسن وُضُوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين مُقْبلا عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبت له الجنة". قال: قلت: ما أجود هذه! فإذا قائل بين يدي يقول: التي قبلها أجود منها. فنظرت فإذا عمر، رضي الله عنه، فقال: إني قد رأيتك جئت آنفا قال: "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو: فيسبغ - الوضوء، يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء" (٥).

عن أبي مالك الأشعري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الطَّهور شَطْر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة بُرهان، والصبر ضياء، والقرآن حُجَّة لك أو عليك، كل الناس يَغْدُو، فبائع نفسه فَمعتِقهَا، أو مُوبِقُهَا" (٦).

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صدقة من غُلُول، ولا صلاة بغير طهور" (٧).

الفوائد:

١ - الأمر بالطهارة وبيان كيفية الوضوء وكيفية الغسل، وكيفية التيمم.

٢ - بيان الأعذار الناقلة للمؤمن من الوضوء إلى التيمم.

٣ - بيان موجبات الوضوء والغسل.

٤ - الشكر هو علة الإنعام.

٥ - أن هذه الآية الكريمة اشتملت على جملة من الاحكام (٨):

أحدها: أن هذه المذكورات فيها امتثالها والعمل بها من لوازم الإيمان الذي لا يتم إلا به، لأنه صدرها بقوله {يأيها الذين آمنوا} إلى آخرها. أي: يا أيها الذين آمنوا، اعملوا بمقتضى إيمانكم بما شرعناه لكم.

الثاني: الأمر بالقيام بالصلاة لقوله: {إذا قمتم إلى الصلاة}.

الثالث: الأمر بالنية للصلاة، لقوله: {إذا قمتم إلى الصلاة} أي: بقصدها ونيتها.

الرابع: اشتراط الطهارة لصحة الصلاة، لأن الله أمر بها عند القيام إليها، والأصل في الأمر الوجوب.

الخامس: أن الطهارة لا تجب بدخول الوقت، وإنما تجب عند إرادة الصلاة.


(١) تفسير القرطبي: ٦/ ١٠٨.
(٢) تفسير الطبري: ١٠/ ٩٠.
(٣) تفسير ابن كثير: ٣/ ٦٠.
(٤) انظر: تفسير ابن كثير: ٣/ ٦٠.
(٥) المسند (٤/ ١٥٣) وصحيح مسلم برقم (٢٣٤) وسنن أبي داود برقم (١٦٩) وسنن النسائي (١/ ٩٥).
(٦) صحيح مسلم برقم (٢٢٣).
(٧) صحيح مسلم برقم (٢٢٤).
(٨) انظر: تفسير السعدي: ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>