للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمسون: أن طهارة التيمم، وإن لم يكن فيها نظافة وطهارة تدرك بالحس والمشاهدة، فإن فيها طهارة معنوية ناشئة عن امتثال أمر الله تعالى.

الحادي والخمسون: أنه ينبغي للعبد أن يتدبر الحكم والأسرار في شرائع الله، في الطهارة وغيرها ليزداد معرفة وعلما، ويزداد شكرا لله ومحبة له، على ما شرع من الأحكام التي توصل العبد إلى المنازل العالية الرفيعة.

القرآن

{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٧)} [المائدة: ٧]

التفسير:

واذكروا نعمة الله عليكم فيما شَرَعه لكم، واذكروا عهده الذي أخذه تعالى عليكم من الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والسمع والطاعة لهما، واتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه. إن الله عليمٌ بما تُسِرُّونه في نفوسكم.

قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٧]، أي: " واذكروا نعمة الله عليكم فيما شَرَعه لكم" (١).

قال مجاهد: النعم: آلاءُ الله" (٢).

قال مقاتل: " يعني: بالإسلام" (٣).

قال الزمخشري: " وهي نعمة الإسلام" (٤).

قال أبو علي: " أي: تلقّوها بالشكر" (٥).

قال ابن الجوزي: " يعني النعم كلها. وفي هذا حث على الشكر" (٦).

قوله تعالى: {وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ} [المائدة: ٧]، أي: " واذكروا عهده الذي أخذه تعالى عليكم من الإيمان بالله ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-" (٧).

قال الزمخشري: " أى: عاقدكم به عقدا وثيقا هو الميثاق الذي أخذه على المسلمين حين بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في حال اليسر والعسر والمنشط والمكره، وقيل: هو الميثاق ليلة العقبة وفي بيعة الرضوان" (٨).

قال مقاتل: "يوم أخذ ميثاقكم على المعرفة بالله- عز وجل- والربوبية" (٩).

قال ابن أبي زمنين: " وهو الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم" (١٠).

قال السعدي: أي: "واذكروا عهده الذي أخذه عليكم، وليس المراد بذلك أنهم لفظوا ونطقوا بالعهد والميثاق، وإنما المراد بذلك أنهم بإيمانهم بالله ورسوله قد التزموا طاعتهما" (١١).

واختلف أهل التأويل في الميثاق الذي ذكر الله في هذه الآية على أقوال:

أحدها: أنه ميثاقَ الله الذي واثقَ به المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين بايعوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة له فيما أحبّو وكرهوا، والعمل بكل ما أمرهم الله به ورسوله. وهذا قول ابن عباس (١٢)، والسدي (١٣).


(١) التفسير الميسر: ١٠٨.
(٢) أخرجه الطبري (١١٥٥٠)، و (١١٥٥١): ١٠/ ٩١.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٥٦.
(٤) الكشاف: ١/ ٦١٢.
(٥) الحجة للقرا السبعة: ٣/ ٤٣٢.
(٦) زاد المسير: ١/ ٥٢٤.
(٧) التفسير الميسر: ١٠٨.
(٨) الكشاف: ١/ ٦١٢.
(٩) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٥٦.
(١٠) تفسير ابن أبي زمنين: ٢/ ١٣.
(١١) تفسير السعدي: ٢٢٤.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (١١٥٥٢): ص ١٠/ ٩٢.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (١١٥٥٣): ص ١٠/ ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>