للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن زيد أبو المعلى: أن رجلا أصاب صيدًا وهو محرم، فتجُوِّز له عنه. ثم عاد، فأرسل الله عليه نارًا فأحرقته، فذلك قوله: {ومن عاد فينتقم الله منه}، قال: في الإسلام" (١).

قال الطبري: " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندنا، قولُ من قال: معناه: ومن عاد في الإسلام لقتله بعد نهي الله تعالى ذكره عنه، فينتقم الله منه، وعليه مع ذلك الكفارة، لأن الله عز وجل إذْ أخبر أنه ينتقم منه، لم يخبرنا وقد أوجب عليه في قتله الصيد عمدًا ما أوجب من الجزاء أو الكفارة بقوله: {ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثلُ ما قتل من النعم} "، أنه قد أزال عنه الكفارة في المرة الثانية والثالثة، بل أعلم عبادَه ما أوجبَ من الحكم على قاتل الصيد من المحرمين عمدًا، ثم أخبر أنه منتقم ممن عاد، ولم يقل: {ولا كفارة عليه في الدنيا} " (٢).

قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: ٩٥]، أي: " والله تعالى عزيز قويٌّ منيع في سلطانه، ومِن عزته أنه ينتقم ممن عصاه إذا أراد، لا يمنعه من ذلك مانع" (٣).

قال القرطبي: " {عزيز}، أي: منيع في ملكه، ولا يمتنع عليه ما يريده. {ذو انتقام} ممن عصاه إن شاء" (٤).

قال النسفي: " {والله عزيز} بإلزام الأحكام {ذو انتقام} لمن جاوز حدود الإسلام" (٥).

قال الطبري: أي: " والله منيعٌ في سلطانه، لا يقهره قاهرٌ، ولا يمنعه من الانتقام ممن انتقم منه، ولا من عقوبة من أراد عقوبته، مانع. لأن الخلق خلقه، والأمر أمره، له العزة المَنَعة، وأما قوله: {ذو انتقام}، فإنه يعني به: معاقبتَه لمن عصاه على معصيته إياه" (٦).

عن أبي العالية: {والله عزيز}، يقول: عزيز في نقمته إذا انتقم" (٧).


(١) أخرجه الطبري (١٢٦٦٦): ص ١١/ ٥٤.
(٢) تفسير الطبري: ١١/ ٥٤.
(٣) التفسير الميسر: ١٢٣.
(٤) تفسير الطبري: ٦/ ٣١٧.
(٥) تفسير النسفي: ١/ ٤٧٧.
(٦) تفسير الطبري: ١١/ ٥٧.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٨٢٤): ص ٤/ ١٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>