للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: قوله {وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} "فيه غموض، وذلك أن في أول الآية النهي عن السؤال ثم قال: {وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم}، فأباحه لهم، فقيل: المعنى وإن تسألوا عن غيرها فيما مست الحاجة إليه، فحذف المضاف، ولا يصح حمله على غير الحذف. قال الجرجاني: الكناية في {عنها} ترجع إلى أشياء أخر، كقوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} [المؤمنون: ١٢] يعني آدم، ثم قال: {ثم جعلناه نطفة} [المؤمنون: ١٣] أي ابن آدم، لأن آدم لم يجعل نطفة في قرار مكين، لكن لما ذكر الإنسان وهو آدم دل على إنسان مثله، وعرف ذلك بقرينة الحال، فالمعنى وإن تسألوا عن أشياء حين ينزل القرآن من تحليل أو تحريم أو حكم، أو مست حاجتكم إلى التفسير، فإذا سألتم فحينئذ تبد لكم، فقد أباح هذا النوع من السؤال: ومثاله أنه بين عدة المطلقة والمتوفى عنها زوجها والحامل، ولم يجر ذكر عدة التي ليست بذات قرء ولا حامل، فسألوا عنها فنزل: {واللائي يئسن من المحيض} [الطلاق: ٤]، فالنهي إذا في شي لم يكن بهم حاجة إلى السؤال فيه، فأما ما مست الحاجة إليه فلا" (١).

قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْهَا} [المائدة: ١٠١]، أي: " أي عفا الله عن مسائلكم السالفة التي لا ضرورة لها وتجاوز عن عقوبتكم الأخروية فلا تعودوا إلى مثلها" (٢).

قال الزمخشري: أي: " من مسألتكم، فلا تعودوا إلى مثلها" (٣).

قال ابن كثير: " أي: ما لم يذكره في كتابه فهو مما عفا عنه، فاسكتوا أنتم عنها كما سكت عنها" (٤).


(١) تفسير القرطبي: ٦/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٢) صفوة التفاسير: ٣٤٠.
(٣) الكشاف: ١/ ٦٨٤.
(٤) تفسير ابن كثير: ٣/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>