للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكلام على هذا التقدير فيه تقديم وتأخير، أي: "لا تسألوا عن أشياء عفا الله عنها إن تبد لكم تسؤكم، أي أمسك عن ذكرها فلم يوجب فيها حكما. وقيل: ليس فيه تقديم ولا تأخير، بل المعنى قد عفا الله عن مسألتكم التي سلفت وإن كرهها النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تعودوا لأمثالها. فقوله: {عنها}، أي: عن المسألة، أو عن السؤالات كما ذكرناه" (١).

قوله تعالى: {وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [المائدة: ١٠١]، أي: " والله غفور لعباده إذا تابوا، حليم عليهم فلا يعاقبهم وقد أنابوا إليه" (٢).

قال الزمخشري: أي: "لا يعاجلكم فيما يفرط منكم بعقوبته" (٣).

الفوائد:

١ - كراهية الإلحاف في السؤال والتقعر في الأسئلة والتنطع فيها.

٢ - أن ما سكت الله عنه فلم يفرضه، ولم يحده، ولم ينه عنه فهو الحلال، لكن هذا في غير العبادات، فالعبادات قد حرم الله عزّ وجل أن يشرع أحد الناس عبادة لم يأذن بها الله عزّ وجل.

ولهذا نقول: إن من ابتدع في دين الله ما ليس منه من عقيدة أو قول أو عمل فقد انتهك حرمات الله، ولا يقال هذا مما سكت الله عزّ وجل عنه، لأن الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل عليها، وغير ذلك الأصل فيه الإباحة، فما سُكِتَ عنه فهو مباح.

٣ - أنه لا ينبغي البحث عما سكت الله تعالى عنه ورسوله.

وهل هذا النهي في عهد الرسالة، أم إلى الآن؟ في هذا قولان للعلماء:

أحدهما: أن هذا خاص في عهد الرسالة، لأن ذلك عهد نزول الوحي، فقد يسأل الإنسان عن شيء لم يُحرم فيحرم من أجله، أو عن شيء لم يجب فيوجب من أجله، كما سأل الأقرع بن حابس النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيكُم الحَجَّ» فقام الأقرع وقال: يا رسول الله أفي كل عام؟


(١) تفسير القرطبي: ٦/ ٣٣٤.
(٢) التفسير الميسر: ١/ ١٢٤.
(٣) الكشاف: ١/ ٦٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>