وهذا سؤال في غير محله، اللهم إلا إذا كان الأقرع بن حابس أراد أن يزيل الوهم الذي قد يعلق في أفهام بعض الناس، فالله أعلم بنيته، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«لَو قُلتُ نَعَم لَوَجَبَت وَمَا استَطَعتُم، الحَجَّ مَرَةً فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوع»(١).
من أعظم الناس جرماً من يسأل فيوجب من أجل مسألته عن شيء لم يحرم فيحرم من أجل مسألته، أو لم يوجب.
والثاني: أن النهي باق بعد عهد الرسالة.
والصواب في هذه المسالة أن النهي حتى بعد عهد الرسالة إلا أنه إذا كان المراد بالبحث الاتساع في العلم كما يفعله طلبة العلم، فهذا لا بأس به، لأن طالب العلم ينبغي أن يعرف كل مسألة يحتمل وقوعها حتى يعرف الجواب، وأما إذا لم يكن كذلك فلا يبحث، بل يمشي على ما كان عليه الناس.
فلا نبحث عن مسائل الغيب ونتعمق فيها، ولا نبحث في صفات الله عزّ وجل عن كيفيتها، لأن هذا من التعمق، ولا نأتي بمعضلات المسائل التي فيها: أرأيت إن كان كذا، ولو كان كذا، ولو كان كذا كما يوجد من بعض طلبة العلم الآن، يوجد أناس يفرضون مسائل ليست واقعة ولن تقع فيما يظهر، ومع ذلك يسألون، وهم ليسوا في مكان البحث، بل يسألون سؤالاً عاماً، فهذا لا ينبغي.
(١) خرجه أبو داود - كتاب: المناسك، باب: فرض الحج، (١٧٢١)، الإمام أحمد بن حنبل - ج ١/ص ٢٥٥، مسند آل العباس عن عبد الله بن عباس، (٢٣٠٤). وابن ماجه - كتاب: المناسك، باب: فرض الحج، (٢٨٨٦). وأخرج مسلم "في معناه" - كتاب: الحج، باب: فرض الحج مرة في العمر، (١٣٣٧)، (٤١٢).