للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كره الشيخ ابن عثيمين (١) البحث عن اللحوم وعن الأجبان وعما يرد إلى البلاد من بلاد الكفاروذلك كما روي ابن عمر رضي الله عنهما لما سئل ابن عمر عن الجبن الذي يصنعه المجوس فقال: "ما وجدته في سوق المسلمين اشتريته، ولم أسأل عنه" (٢).

ومراد الشيخ ابن عثيمين بكلامه: أن الفعل الصادر ممن هو أهله، جار على أصل الصحة والسلامة؛ فالمسلم: أهل لأن يذبح ذبيحة شرعية، فإذا صدر منه الذبح، حمل على ظاهر الصحة والسلامة، ولم يحتج إلى سؤاله: عن كيفية ذبحه، وهل سمى أو لم يسم، ونحو ذلك، اكتفاء بظاهر الحال، والعلماء يقررون أن ظاهر الحال يرفع أصل التحريم في كثير من الصور.

قال ابن قيم: " وأجمعوا على جواز شراء اللحمان من غير سؤال عن أسباب حلها، اكتفاء بقول الذابح والبائع، حتى لو كان الذابح يهوديّاً أو نصرانيّاً أو فاجراً: اكتفينا بقوله في ذلك، ولم نسأله عن أسباب الحل " (٣).

والظاهر في اللحم الوارد من دول غير إسلامية إذا كان الذين يباشرون ذبحه من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فإنه يجوز أكله، ولا ينبغي السؤال عن كيفية ذبحه، ولا هل سَمُّوا عليه أم لا؟ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الشاة التي أهدتها إليه اليهودية في خيبر، وأكل من الطعام الذي دعاه إليه يهودي، وكان فيه إهالة سنخة، وهي الشحم المتغير، ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم كيف ذبحوه؟ ولا هل سموا عليه أم لا؟


(١) هذا رأي ابن عثيمين، كما في مجموع فتاوى: ٣٦/ ٦، وشرح الحديث الثلاثون من الأربعون النوويه.
(٢) مصنف عبدالرزاق (٨٧٨٥): ص ٤/ ٥٣٩.
(٣) إعلام الموقعين: ٢/ ١٨١، وانظر: الأشباه والنظائر: ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>