للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} [البقرة: ٩٤]، " أي اطلبوا حصوله" (١).

قال الثعلبي: " أي فأريدوا وحلوه لأن من علم أن الجنة مآبه حن إليها ولا سبيل إلى دخولها إلا بعد الموت فاستعجلوه بالتمني" (٢).

قال المراغي: " أي: تشوفوا له واجعلوا نفوسكم ترتاح إليه وتود المصير إليه" (٣).

قال ابن عباس: " أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب، فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم" (٤).

قال ابن عباس أيضا: "لو تمنى اليهود الموت لماتوا" (٥).

وقرأ ابن أبي إسحاق بكسر الواو من رتمنوا} للالتقاء، وحكى الأهوازي عن أبي عمرو أنه قرأ {تمنوا الموت} بفتح الواو، وحكي عن غيره اختلاس الحركة في الرفع، وقراءة الجماعة بضم الواو (٦).

قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ٩٤]، "أي إن صدق قولكم، وصحت دعواكم" (٧).

قال الثعلبي: أي" في قولكم، محقين في دعواكم" (٨).

قال أبو العالية: " {إن كنتم صادقين} بما تقولون إنه كما تقولون" (٩).

قال ابن عثيمين: " أي في دعواكم أن الدار الآخرة خالصة لكم من دون الناس؛ لأنها حينئذٍ تكون لكم خيراً من الدنيا؛ فتمنوا الموت لتصلوا إليها؛ وهذا تحدٍّ لهم؛ ولهذا قال الله تعالى هنا: {ولن يتمنوه أبداً}؛ وفي سورة الجمعة قال تعالى: {ولا يتمنونه أبداً} [الجمعة: ٧] وذلك؛ لأنهم يعلمون كذب دعواهم أن لهم الدار الآخرة خالصة" (١٠).

اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو اليهود أن يتمنوا الموت، وعلى أي وجه أمروا أن يتمنوه (١١):

الأول: أن الله تعالى أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يتحداهم بأنه إن كانت الدار الآخرة لهم كما يزعمون، فليتمنوا الموت لِيَصِلوا إليها.

وهذا قول قتادة (١٢)، وأبو العالية (١٣)، والربيع (١٤)، رجّحه الطبري (١٥) وكثير من المفسرين.


(١) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٣٠٧.
(٢) تفسير الثعلبي: ١/ ٢٣٧.
(٣) تفسير المراغي: ١/ ١٧٠.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٣٧): ص ١/ ١٧٧، وفي رواية أخرى أخرده الطبري عنه (١٥٧٧): ص ٢/ ٣٦٦: " فسلوا الموت". قال الطبري: " ولا يعرف " التمني " بمعنى " المسألة " في كلام العرب. ولكن أحسب أن ابن عباس وجه معنى " الأمنية " - إذ كانت محبة النفس وشهوتها - إلى معنى الرغبة والمسألة، إذْ كانت المسألة، هي رغبة السائل إلى الله فيما سأله". [تفسير الطبري: ٢/ ٣٦٦].
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٣٨): ص ١/ ١٧٧، وفي رواية (٩٣٦): ص ١/ ١٧٧: " لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه"، وأخرجه الطبري (١٥٦٦): ص ٢/ ٣٦٢، وبزيادة: " ولرأوا مقاعدهم من النار. ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم، لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا ". وفي رواية أخرى عن ابن عباس أيضا: " لو تمنوه يوم قال ذلك لهم، ما بقي على ظهر الأرض يهودي إلا مات". [أخرجه الطبري (١٥٧٠: ص ٢/ ٣٦٣].
(٦) انظر: المحرر الوجيز: ١/ ١٨١.
(٧) تفسير المراغي: ١/ ١٧٢.
(٨) تفسير الثعلبي: ١/ ٢٣٧.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٣٩): ص ١/ ١٧٧.
(١٠) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٣٠٧.
(١١) انظر: تفسير الطبري: ٢/ ٣٦٥. وانظر: تفسير الرازي: ١/ ١٧٥.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (١٥٧٢): ص ٢/ ٣٦٤.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (١٥٧٣): ص ٢/ ٣٦٤ - ٣٦٥.
(١٤) انظر: تفسير الطبري (١٥٧٤): ص ٢/ ٣٦٥.
(١٥) انظر: تفسير الطبري: ٣/ ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>