للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: ٢٦]، أو أخلصاه للطائفين وما بعده لئلا يغشاه غيرهم. فاللام صلة «طهرا» على هذا. وعلى ما قبله، لام العلة. أي طهراه لأجلهم" (١).

قال ابن عطية: " وأضاف الله (البيت) إلى نفسه تشريفا للبيت، وهي إضافة مخلوق إلى خالق ومملوك إلى مالك" (٢).

واختلف في تفسير قوله تعالى: {أنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: ١٢٥]، على أوجه (٣):

أحدها: من الأصنام. قاله ابن عباس (٤)، ومجاهد (٥)، وابن زيد (٦)، وروي عن عبيد بن عمير (٧)، وسعيد بن جبير (٨)، نحو ذلك.

والثاني: من الشرك. قاله مجاهد (٩)، روي عن سعيد بن جبير (١٠)، وأبي العالية (١١)، وقتادة (١٢)، وعطاء (١٣) نحوه.

والثالث: من الأنجاس. روي عن سعيد بن جبير نحوه (١٤).

والرابع: وقيل: "من الفرث والدم" (١٥).

قال ابن عطية: "وهذا ضعيف لا تعضده الأخبار" (١٦).

والراجح أن تطهير البيت يقصد به: تطهيره من الأرجاس الحسية والمعنوية، أي: إعداده وتخصيصه للمؤمنين بالله، فلا يقربه مشرك، ولا يطوف به، ولا يعكف فيه إلا مؤمن خالص الإيمان، و (أنْ) تفسيرية؛ لأنّ (عهدنا) فيه معنى القول دون حروفه؛ أي أنّ العهد هو قوله تعالى: (طَهِّرَا بَيْتِيَ)؛ و (طَهِّرَا) فعل أمر؛ و (بيتي) المراد به الكعبة؛ وأضافها الله سبحانه وتعالى إلى نفسه إضافة تشريف. والله أعلم.

قال الرازي: ويقصد بتطهير البيت: "التطهير من كل أمر لا يليق بالبيت، فإذا كان موضع البيت وحواليه مصلى وجب تطهيره من الأنجاس والأقذار، وإذا كان موضع العبادة والإخلاص لله تعالى: وجب تطهيره من الشرك وعبادة غير الله، وكل ذلك داخل تحت الكلام" (١٧).

وإن قيل: فلم يكن على عهد إبراهيم، قبل بناء البيت بيت يطهر، قيل: عن هذا جوابان (١٨):

أحدهما: معناه وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن ابنيا بيتي مُطَهَّراً، وهذا قول السدي (١٩).

والثاني: معناه أن طهرا مكان البيت (٢٠).


(١) محاسن التأويل: ١/ ٣٤٩.
(٢) المحرر الوجيز: ١/ ٢٠٨.
(٣) انظر: النكت والعيون: ١/ ١٨٨.
(٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٢٠٥): ص ١/ ٢٢٧.
(٥) انظر: تفسير الطبري (٢٠١٤): ص ٢/ ٤٠.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٢٠١٠): ص ٢/ ٣٩ - ٤٠.
(٧) انظر: تفسير الطبري (٢٠١١): ص ٢/ ٤٠.
(٨) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٢٠٦): ص ١/ ٢٢٧، وزاد "والريب، وقول الزور والرجس".
(٩) انظر: تفسير الطبري (٢٠١٣): ص ٢/ ٤٠.
(١٠) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٢٠٧): ص ١/ ٢٢٨.
(١١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم: ١/ ٢٢٨.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٢٠١٥): ص ٢/ ٤٠.
(١٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم: ١/ ٢٢٨.
(١٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٢٠٦): ص ١/ ٢٢٧.
(١٥) المحرر الوجيز: ١/ ٢٠٨.
(١٦) المحرر الوجيز: ١/ ٢٠٨.
(١٧) تفسير الرازي: ٤/ ٤٨ - ٤٩.
(١٨) انظر: تفسير الطبري: ٢/ ٣١، والنكت والعيون: ١/ ١٨٨.
(١٩) انظر: تفسير الطبري (٢٠٠٩): ص ٢/ ٣٩.
(٢٠) انظر: النكت والعيون: ١/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>