للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السعدي: "أي" اعط أهله من أنواع الثمرات، ثم قيد عليه السلام هذا الدعاء للمؤمنين، تأدبا مع الله، إذ كان دعاؤه الأول، فيه الإطلاق، فجاء الجواب فيه مقيدا بغير الظالم" (١).

قال أبو السعود: " بأن تجعلَ بقربٍ منه قرُىً يحصُل فيها ذلك أو يجبى إليه من الأقطارِ الشاسعةِ وقد حصل كلاهما حتى إنه يجتمعُ فيه الفواكهُ الربيعيةُ والصيفيةُ والخريفيةُ في يومٍ واحد" (٢).

قال أبو حيان: " دعا لمؤمنهم بالأمن والخصب، لأن الكافر لا يدعى له بذلك. ألا ترى أن قريشاً لما طغت، دعا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين، كسني يوسف" (٣) " (٤).

قال الزهري: " إن الله نقل قرية من قرى الشام فوضعها في الطائف لدعوة إبراهيم خليل الله" (٥). وروي عن محمد بن مسلم الطائفي (٦) مثل ذلك.

و(الإيمان) في اللغة: التصديق؛ وفي الشرع: التصديق المستلزم للقبول، والإذعان؛ والإيمان بالله يتضمن الإيمان بوجوده، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته؛ و (اليوم الآخر) هو يوم القيامة؛ وسمي آخراً؛ لأنه لا يوم بعده؛ وسبق بيان ذلك (٧).

وقد "ذكر متعلق الإيمان، وهو الله تعالى واليوم الآخر، لأن في الإيمان بالله إيماناً بالصانع الواجب الوجود، وبما يليق به تعالى من الصفات، وفي الإيمان باليوم الآخر إيمان بالثواب والعقاب المرتبين على الطاعة والمعصية اللذين هما مناط التكليف المستدعي مخبراً صادقاً به، وهم الأنبياء. فتضمن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالأنبياء، وبما جاؤا به. فلما كان الإيمان بالله واليوم الآخر يتضمن الإيمان بجميع ما يجب أن يؤمن به، اقتصر على ذلك، لأن غيره في ضمنه" (٨).

ويحتمل {مِنَ}: في قوله تعالى: {مِنَ الثَّمَرَاتِ} [البقرة: ١٢٦]، وجهين (٩):

أحدهما: أنها للتبعيض، لأنهم لم يرزقوا إلا بعض الثمرات.

والثاني: أنها لبيان الجنس.

قوله تعالى: {قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلا} [البقرة: ١٢٦]، أي قال الله تعالى: وأرزق" كفارهم أيضا، وأمتعهم بهذا الرزق أمدا قليلا، وهو مدة وجودهم في الدنيا" (١٠).

قال الزمخشري: " أى ومن كفر، فأنا أمتعه" (١١).

قال الثعلبي: أي: " فسأرزقه إلى منتهى أجله، لأنه تعالى وعد الرزق للخلق كافة كافرهم ومؤمنهم وقيد بالقلة لأن متاع الدنيا قليل" (١٢).

قال عكرمة: " قال الله: ومن كفر أيضا فإني أرزقه من الدنيا، حين استرزق إبراهيم لمن آمن" (١٣).


(١) انظر: تفسير السعدي: ١/ ٦٦.
(٢) تفسير أبي السعود: ١/ ١٥٨.
(٣) مسند الإمام أحمد (١٠٣٧٥): ص ٢/ ٥٢١. ولفظه: " اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِينَ يُوسُفَ".
(٤) البحر المحيط: ١/ ٣٣٢.
(٥) أخرجه ابن ابي حاتم (١٢٢١): ص ١/ ٢٣٠.
(٦) انظر: تفسير ابن ابي حاتم (١٢٢٢): ص ١/ ٢٣٠.
(٧) انظر: تفسير ابن عثيمين: ٢/ ٥٢.
(٨) البحر المحيط: ١/ ٣٣٢.
(٩) انظر: البحر المحيط: ١/ ٣٣٢.
(١٠) تفسير المراغي: ١/ ٢١٣.
(١١) الكشاف: ١/ ١٨٦.
(١٢) تفسير الثعلبي: ١/ ٢٧٣.
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١٢٢٥): ص ١/ ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>