للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تجدُهم إذا تمكَّنوا وصارت لهم دولةٌ، يتظاهَرون بِهذا، ويدْعُون الناس إليه؛ كما وقع من القرامطة والباطنية والإسماعلية (١) ومَن نَحَا نَحْوَهم؛ فإنهم لمَّا تمكَّنوا أظهروا صريحَ الكفر والزندقة، وفَعلوا تلك الأفاعيلَ؛ مِنْ الاستهتار بمحارم اللَّه وما عظَّمه، كنقلِهم للحجر الأسود من الحَرَم إلى «هَجَر» (٢)، وكقولِ رئيس القرامطة اللعين لمَّا سَفك دماءَ الحُجَّاجِ بالبيت الحرام، وفَعل به من المنكرات ما هو معروف:

لصبَّ علينا النارَ مِنْ فوقنا صبَّا … ولو كان هذا البيتُ للَّهِ ربِّنا

محلَّلةً لم تُبْقِ شرقًا ولا غربَا … لأنا حَجَجْنا حِجَّةً جاهليةً

ثم قال لِمَنْ بقي في الحَرَم سالمًا من القتل: «يا حَمير، أنتم تقولون: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: ٩٧]»!! ..

وقد كان أولُ هذه النِّحلةِ القُرْمُطيةِ: التظهُّرَ بمحبَّةِ أهل البيت، والتوجُّعَ لهم، والعداوةَ لأعدائهم، ثم انتهى أمرُهم إلى مثل هذا!.

وهكذا الباطنية؛ فإن مَذهبَهم الذي يتظهَّرون به، ويُبدُونه للناس، هو التشيُّع، ولا يزالُ شياطينُهم يَنقُلون مَنْ دخل معهم فيه مِنْ مرتبةٍ إلى مرتبة حتى يُوقِفُوه على بابِ الكفر وصُراح الزندقة.

وإذا تمكَّن بعضُ طواغيتهم فَعَل كما فَعَل عليُّ بن الفضل (٣) الخارج


(١) وجميعُها فرقٌ كافرة.
(٢) هَجَر: بلدة في البحرين. وانظر حول ما سبق: «البداية والنهاية»، للحافظ ابن كثير (١٤/ ٦٣٥ حوادث سنة ٢٧٨)، و «وا قدساه»، للشيخ سيد العفَّاني (٣/ ٨٣).
(٣) عليُّ بن الفضل بن أحمد القرمطى: أحد المتغلبين على اليمن، أظهر الدعوة للمهدي المنتظر (٢٩٠ هـ)، فتبعه كثيرٌ من القبائل، ومَلَك ملكًا ضخمًا، وادعى النبوة، وأباح المحرَّمات. ومات مسمومًا عام (٣٠٣ هـ ٩١٥ م). وكانت مدة حكمه (١٣) سنة. مستفاد من بعض المطبوعات.

<<  <   >  >>