وأخذ في علم الحديث عن الحافظ: عليِّ بن إبراهيم بن عامر وغير ذلك من المشائخ في جميعِ العلوم العقلية والنقلية، حتى أحرز جَميعَ المعارف، واتفق على تحقيقه المُخالفُ والمُوالف، وصار مشارًا إليه في علوم الاجتهاد بالبَنان، والمجلِّي في معرفة غوامض الشريعة عند الرهان.
له المؤلفات في أغلب العلوم، ومنها: كتاب: «نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار» لجدِّ ابن تيمية ﵀ في أربع مجلدات كبار (١)، لم تكتحل عينُ الزمان بمثله في التحقيق، أعطى فيه المسائلَ حقَّها في كل بحثٍ على طريق الإنصاف، وعدم التقيد بمذهب الأسلاف، وتناقله عنه مشائخُه فمن دونَهم، وطار في الآفاق في حياته، وقُرئ عليه مرارًا، وانتفع به العلماء، وكان يقول: إنه لم يرضَ عن شيءٍ من مؤلفاته سواه، لما هو عليه من التحرير البليغ، وكان تأليفه في أيام مشائخه، فنبَّهوه على مواضع منه حتى تحرَّر.
وله التفسيرُ الكبير المسمى:«فتح القدير الجامع بين فنَّي الرواية والدراية من التفسير»، وقد سبقه إلى التأليف في الجمع بين الرواية والدرايةِ العلامةُ: محمد بن يحيى بن بهران، فله تفسيرٌ في ذلك عظيم، لكنَّ تفسير شيخنا أبسطُ وأجمع وأحسن ترتيبًا وترصيفًا؛ وقد ذكر الحافظ السيوطي في «الإتقان» أنه جعله مقدمةً لتفسيرٍ جامعٍ للدراية والرواية سماه «مطلع البدرين ومجمع البحرين».
وله: مختصر في الفقه على مقتضى الدليل، سماه:«الدرر البهية في المسائل الفقهية»، وشرحه شرحًا نافعًا سماه:«الدراري المضيَّة» أورد فيه
(١) وهو مطبوعٌ في دار ابن الجوزي العامرة في ستة عشر مجلدًا، بتحقيق الشيخ الفاضل محمد بن صبحي حلَّاق.