للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعين الإنصاف علم بالصواب؛ دَع عنك ما يقعُ مع الاختلاف في المذاهب والمعتقَدات؛ فإنه يبلغُ الأمرُ إلى عداوةٍ فوق عداوةِ أهلِ المِلل المختلِفة.

فطالبُ الإنصافِ لا يلتفتُ إلى شيءٍ ممَّا يقعُ من الجرح والتعديل بالمذاهب والنِّحل؛ فيُقبَلون جميعًا؛ إلَّا أن يكون ما جاء به المتمذهبُ مقوِّيًا لبدعته، أو كان على مذهبٍ لا يَرى بالكذبِ فيه بأسًا كما هو عند غُلاة الرافضة (١).

وأما ما عدا الجرحَ والتعديل بالمذاهب والمعتقَدات، فإن كان المتكلمُ في ذلك بريئًا عن التمذهب والتعصُّب كما يُروى عن السلف قبل انتشار المذاهب، فاحرص عليه، واعمَل به على اعتبار صحةِ الرواية وصدورِه في الواقع، وأما باعتبار كونِهِ جارحًا أو غيرَ جارح، فذلك مفوَّضٌ إلى نظر المجتهد.

والذي ينبغي التعويلُ عليه: أن القدحَ إن كان يرجعُ إلى أمر يتعلقُ بالرواية كالكذبِ فيها، وضعفِ الحفظ، والمجازفة، فهذا هو القدحُ المعتبَر. وإن كان يرجعُ إلى شيءٍ آخر، فلا اعتدادَ به؛ وإن كان المتكلمُ متلبِّسًا بشيءٍ من هذه المذاهب، فهو مقبولٌ في جَرْح من يجرِّحُه من الموافقين له، وتزكيةِ مَنْ يُزكِّيه من المخالفين له (٢).


(١) راجع ما سلف ص (١٠٤) عن كذب الرافضة.
فائدة: هؤلاء الرافضة الذين سبق الكلام عليهم غير مرة؛ وإنما سُموا بِهذا الاسم لرفضِهم خلافةَ الشيخين أبي بكر وعمر ، وقيل: لرفضهم زيد بن عليٍّ الذي أنكر عليهم طعنَهم في الشيخين ؛ فقال لهم: «رفضمتوني؟ فقالوا: نعم»؛ فسُمُّوا رافضةً. مستفاد من طبعة الشيخ محمد بن صبحي حلَّاق (٥٣).
(٢) هذا الكلام يحتاج إلى تحرير من كتب «المصطلح»؛ فليرجع إليها.

<<  <   >  >>