للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أهل الإنصاف وأربابِ الاجتهاد!.

فإن قلت: إذا كان هذا السبب كما زعمتَ من الغموضِ والدقة، ووقوعِ كثير من المنصفين فيه وهم لا يشعرون؛ فما أحقَّه بالبيان، وأولاهُ بالإيضاح، وأجدَرَه بالكشف! حتى يَتخلَّص عنه الواقعون فيه، وينجوَ منه المتهافِتون عليه (١).

قلت: اعلم أن ما كان من «أصول الفقه» راجعًا إلى لُغة العرب رجوعًا ظاهرًا مكشوفًا؛ كبناء العامِّ على الخاص، وحَمْلِ المطلَق على المقيَّد، وردِّ المجمَل إلى المبيِّن، وما يقتضيه الأمرُ والنهيُ ونحو هذه الأمور، فالواجبُ على المجتهد أن يبحثَ عن مواقع الألفاظِ العربية، ومواردِ كلام أهلها، وما كانوا عليه في مثل ذلك؛ فما وافقه فهو الأحقُّ بالقبول، والأولى بالرجوع إليه.

فإذا اختلف أهلُ الأصول في شيءٍ من هذه المباحث، كان الحقُّ بيد مَنْ هو أسعدُ بلغة العرب؛ هذا على فرض عدمِ وجودِ دليلٍ شرعيٍّ يدلُّ على ذلك؛ فإن وُجد فهو المقدَّمُ على كل شيء (٢).

وإذا أردتَ الزيادة في البيان، والتكثُّرَ من الإيضاح بضربٍ من التمثيل، وطُرُقٍ من التصوير؛ فاعلمْ أنه:

قد وقع الخلافُ في أنه: هل يُبنى العامُّ على الخاص مطلقًا، أو مشروطًا بشرطِ أن يكون الخاصُّ متأخرًا؟.

ووقع الخلافُ في أنه: هل يُحمل المطلَقُ على المقيَّد مع اختلافِ


(١) المتهافتون: المتسارعون المتساقطون.
(٢) إذ لا اجتهاد مع النص.

<<  <   >  >>