ووقع الخلاف في معنى «الأمر الحقيقي»: هل هو الوجوب أم غيره؟.
ووقع الخلافُ في معنى «النهي الحقيقي»: هل هو التحريم أو غيره؟.
فإذا أردتَ الوقوفَ على الحقِّ في بحثٍ من هذه الأبحاث، فانظُرْ في اللغة العربية، واعمَلْ على ما هو موافقٌ لها، مطابقٌ لِما كان عليه أهلُها، واجتنِب ما خالفها؛ فإن وجدتَ ما يدلُّ على ذلك من أدلةِ الشرع، كما تقفُ عليه في الأدلة الشرعية من كون الأمر يفيدُ الوجوب، والنهيِ يُفيد التحريم، فالمسألة أصولية؛ لكونها قاعدةً كليةً شرعية؛ لكون دليلِها شرعيًّا؛ كما أن ما يُستفاد من اللغة من القواعد الكلية أصوليةٌ لغويةٌ.
فهذه المباحث وما يشابِهُها من مسائل النَّسخ، ومسائل المفهوم والمنطوق الراجعة إلى لغة العرب، المستفادةِ منها على وجهٍ يكونُ قاعدةً كلية هي مسائلُ الأصول، والمرجِّحُ لها الذي يُعرفُ به راجحُها من مرجوحها هو العِلم الذي هي مستفادةٌ منه، مأخوذةٌ من موارده ومصادره.
وأما مباحثُ القياس، فغالبُها من بَحْتِ الرأي الذي لا يرجعُ إلى شيءٍ مما تقومُ به الحجة؛ وبيان ذلك: أنهم جَعلوا للعلةِ مسالكَ عشرةً لا تقومُ الحُجة بشيءٍ منها إلَّا ما كان راجعًا إلى الشرع كمَسلك النصِّ على العلَّة، أو ما كان معلومًا من لغةِ العرب كالإلحاق بمسلك إلغاءِ الفارق، وكذلك «قياس الأولى» المسمَّى عند البعض ب «فحوى الخطاب».
وأما المباحثُ التي ذكرها أهلُ الأصول في مقاصِدِه، كما فعلوه في مقصدِ الكتاب ومقصدِ السُّنة والإجماع؛ فما كان من تلك المباحثِ الكليةِ مستفادًا من أدلة الشرع فهو أصوليٌّ شرعي، وما كان مستفادًا من مباحثِ