اللغة، فهو أصوليٌّ لُغوي، وما كان مستفادًا من غير هاذين، فهو من علم الرأي الذي كرَّرنا عليك التحذير منه.
ومن المقاصد المذكورة في الكتب الأصولية التي هي مِنْ محضِ الرأي: الاستحسانُ، والاستصحابُ، والتلازم.
وأما المباحثُ المتعلقةُ بالاجتهاد والتقليد، وشَرعِ من قبلنا، والكلام على أقوالِ أصحابه ﷺ؛ فهي شرعيةٌ؛ فما انتُهض عليه دليلُ الشرع منها فهو حق، وما خالفه فباطل.
وأما المباحثُ المتعلِّقة بالترجيح؛ فإن كان المرجِّحُ مستفادًا من الشرع فهو شرعيٌّ، وإن كان مستفادًا من علمٍ من العلوم المدوَّنة فالاعتبار بذلك العلم؛ فإن كان له مَدخلٌ في الترجيح كعلم اللغة، فإنه مقبول، وإن كان لا مدخلَ له إلا مجردُ الدعوى كعلم الرأي، فإنه مردود.
وإذا تقرر هذا، ظهر لك منه فائدتان:
الأولى: إرشادُك إلى أن بعض ما دوَّنه أهلُ الأصول في الكتب الأصولية ليس من الأصول في شيء، بل هو من علمِ الرأي الذي هو عن الشرع وما يُتوصَّلُ إليه به من العلوم بمَعزِل.
الثانية: إرشادُك إلى العلوم التي تُستمدُّ منها المسائلُ المدوَّنة في الأصول؛ لترجعَ إليها عند النظر في تلك المسائل، حتى تكونَ على بصيرة، ويصفوَ لك هذا العلمُ، ويَخلُصَ عن شَوبِ الكذب.
فإن قلت: إذا كان الأمرُ كما ذكرتَه، فما تقول فيما يزعمُه أهلُ الأصول من أنه لا يُقبل في إثباتِ مسائله إلَّا الأدلةُ القطعية؟.
قلت: هذه دعوى منهم، يكذِّبُها العمل، ويدفعُها ما دوَّنوه في هذا العلم