للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مدونة، قد رتبها ابنه المذكور على حروف المعجم، فجاءت في ديوان، وقد أخذتُ عنه في كثير من الفنون العلمية، وأخذتُ عنه غالب مؤلفاته، وبموته أُطفئ على أهل اليمن مصباحهم المنير (١)، ولا أظنُّ يرَون مثله في تحقيقه للعلوم والتحرير، وقد جرت بيني وبينه مكاتبةٌ أدبية، ومراسلةٌ لمسائل علمية، هي عندي مثبتةٌ بخطه.

وعلى الجملة: فما رأى مثل نفسه، ولا رأى مَنْ رأى مثله، علمًا، وورعًا، وقيامًا بالحقِّ، بقوةِ جَنان، وسلاطةِ لسان.

وكانت وفاته في شهر جُمادى الآخرةِ في سنةِ خمسينَ بعد المِئَتين والألف، وقد كان تُوُفِّي قبله بمدةٍ يسيرة ابنُه العلامة عليُّ بن محمد، وهو أحدُ محققي العلماء، وممن لازم والده في جميع المعارفِ حتى بلغ ذُروةَ العلوم تحقيقًا وتدقيقًا، وقد شاركتُه في الأخذ على والده في كثير من مقروآته، وقد كنت قلت في والده مراثي، لولا الإطالة لذكرتُها. انتهى كلامه رحِمه اللَّه تعالى بلفظه ومعناه، مع التلخيص.

هذا؛ وقد قُلِّد ولاية القضاء من جهة الإمام المنصور باللَّهِ عليِّ بن العباس، في أوائل شهر شعبان سنة (١٢٢٩)، وتوفَّاه اللَّهُ تعالى يوم الأربعاءِ في السادس والعشرين من جُمادى الآخرةِ من شهور سنة (١٢٥٠)، وكان بين وفاته ووفاة ولده «عليِّ بن محمد» نحو شهر وكان قد توفَّاه اللَّه قبله، ولم يُظهر والدُه جزعًا ولا حزنًا، وكان ولدًا صالحًا عالمًا، مبرَّزًا في جَميعِ العلوم، وكان نادرةَ وقته على صغر سنه؛ قيل: إنه تُوُفِّي وهو في حدود العشرين؛ رحم اللَّهُ الجميع برحْمتِه. انتهى (٢).


(١) في العبارة غلوٌّ مرفوض.
(٢) «أبجد العلوم» (٣/ ٢٠٢: ٢٠٥)، للعلامة صديق حسن خان، وانظر أيضًا مقدمة تحقيق «نيل الأوطار» ط: دار ابن الجوزي بالدمام.

<<  <   >  >>