للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبليغ الرسالة مودتَهم؛ لأن له الولاءَ التام لهم، وقد نشر محاسنهم في مؤلفه «در السحابة» بما لم تخالج بعده ريبة لمرتاب؛ على أن كلامه مع الجميع من أهل المذاهب سواءٌ بسواء، لأن المأخذ واحد، والردَّ واحد، والخطبَ يسير، والخلاف في المسائل العلمية الظنية سهل، لأنها مطارحُ أنظار، والاجتهاد يدخلها، والمصيب من المجتهدين في ذلك له أجران، والمخطئ له أجر، وهذا شأن أهل العلم في كل زمانٍ ومكان، ما بين رادٍّ ومردودٍ عليه، وكلٌّ مأخوذٌ من قوله ومتروك، إلا صاحب العصمة .

ومَن طالع الكتبَ الإسلامية في الفروع والأصولِ على اختلاف أنواعها، عرف ذلك، وهان عليه سلوك هذه المسالك، ومَن وزن الأمور بالإنصاف، لا تخفى عليه الحقيقة، ومن جَمَد على التقليد، وضاق عطَنُه عن مدارك الاستدلال، فما له والاعتراضِ على المجتهدين؟!! ولا ينبغي أن يضايقَ المجتهد في اجتهاده لأجل توقُّفه في موقفه الذي هو التقليد، وقد تفضل اللَّهُ عليه بالاجتهاد، والتقليدُ لا يجوز إلا لغير المجتهد، والاجتهادُ غير متعذر، ومَن اعترض على المجتهد فيما أدى إليه اجتهادُه فقد تحجَّر الواسع، وجرى على خلاف نَهج السلفِ من أهل العلم.

وللمترجَم له تاريخٌ حافلٌ سماه «البدر الطالع، بمحاسن من بعد القرن السابع»، جرى فيه من ذلك الوقت إلى زمانه؛ وابتدأ فيه بذكر عابد اليمن «إبراهيم الولي» المشهور، وله جُملةُ رسائل من مطوَّلاتٍ ومختصرات، وقد جُمعت فتاواه ورسائله، فجاءت في مجلدين، وسماها ابنه العلامة عليُّ بن محمد ب «الفتح الرباني» (١)، وله في الأدب اليد الطولى، وله أشعارٌ كثيرة


(١) وقد طبع أيضًا بتحقيق الشيخ محمد بن صبحي حلَّاق في اثني عشر مجلدًا.

<<  <   >  >>