للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وما أحسنَ ما قاله الشريفُ الرَّضي المُوسوِي:

وَقَّاحةً تَحتَ عَالَمٍ وَقَاحْ (١) … لابدَّ أن أَركَبَها صعبةً

دون الذي أمَّلتُ أو بالنجاحْ … أُجهِدُها أن تَنثني بالرَّدى

أو بطلٌ ذَاقَ الردَى فاستراحْ … إمَّا فتًى نال المُنى فاشتفَى

وكنتُ في أيام الطلب وعصرِ الشباب، قد نَظمتُ قصيدةً في هذا المعنى على هذا النمط، أذكرُ منها الآن أبياتًا هي:

آن لها بعد الوَحَى أن تُراحْ (٢) … قد أتعبَ السَّيرُ رِحالي وقد

غايةِ أُمنيَّتهِ بالنجاحْ … فما يَهابُ العَتبَ مَنْ فاز مِنْ

يمينُه ألقى العصا واستراحْ … سعى فلما ظَفِرَتْ بالمُنى

فيا أيها العالِمُ الصعلوك (٣)، قد ظفِرتَ برتبةٍ أرفعَ مِنْ رتب الملوك، ونِلتَ من المعالي أعلاها، ومِن المناقب والفضائل أُوْلاها بالشرف وأَولاها؛ فإنَّ كلَّ المعالي الدنيوية وإن تناهَت (٤) فليست باعتبار المعالي العلميةِ والشرفِ الحاصل بها في وِرْدٍ ولا صَدَر؛ فإنه يحصل للعالِم أولًا وبالذات: الفوزُ بالنعيم الأخرويِّ الدائم السرمديِّ (٥) الذي لا تَعدِلُ منه الدنيا بأسْرها قِيْدَ شَوْط (٦)، بل مِقدار سَوط.


(١) وقَّاحة: لا خجل فيها.
(٢) الوحى: المسارعة. تُراح: تستريح.
(٣) الصُّعلوك: الفقير.
(٤) تناهت: بلغت الغاية.
(٥) السَّرمدي: الأبدي. (٦) القِيد بكسر القاف، والفتح خطأ: المسافة والمقدار.

<<  <   >  >>