للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكل فضيلة، وأجلَّها وأكملَها في حصول المقصود، وهو الخيرُ الأُخروي! فإن اللَّه سبحانه قد قَرَن العلماءَ في كتابه بنفسه والملائكةِ، فقال: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: ١٨].

وقَصَر الخشيةَ له التي هي سبب الفوز لديه عليهم؛ فقال: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ٢٨].

وأخبر عبادَه بأنه يرفعُ علماء أمتِه درجات، فقال: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١].

وأخبرنا رسول اللَّه «بأنَّ العلماءَ وَرَثةُ الأنبياء» (١).

وناهيك بِهذه المَزِيَّةِ الجليلة، والمنقبةِ النبيلة.

فأكرِمْ بنفسٍ تطلُبُ غايةَ المطالب في أشرف المكاسب، وأحبِبْ برجلٍ أرادَ من الفضائل ما لا تُدانيه فضيلة، ولا تُساميه منقبة، ولا تُقاربه مكرُمة، فليس بعد ما يتصوَّرُه أهلُ الطبقة الأولى متصوَّرٌ؛ فإن نالوه على الوجه الذي تصوَّروه، فقد ظفِروا من خير العاجلة والآجلة، وشرفِ الدنيا والآخرة بما لا يَظفر به إلَّا مَنْ صَنع صَنيعهم، ونال نَيلَهم، وبَلغ مبالغَهم. وإن اخترمهم (٢) دونه مُخترِم، وحال بينهم وبينه حائل، فقد أعذَروا، وليس على من طَلب جسيمًا ورام أمرًا عظيمًا إن منعتْه عنه الموانع وصرَفته عنه الصوارف من بأس.


(١) صحيح: رواه أحمد (٥/ ١٩٦)، وأبو داود (٣٦٤١)، والترمذي (٢٦٨٢)، وابن ماجه (٢٢٣)، وابن حبان (٨٨)، والدارمي (٣٤٢)، وصحَّحه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (٦٢٩٧)، وحسَّنه لغيره الشيخ شُعيب الأرنؤوط في «المسند» (٣٦/ ٤٦)، وانظر أيضًا «تحقيق سنن الترمذي» (٤/ ٦١٧ ط: الرسالة).
(٢) اخترمهم: اقتطعهم واستأصلهم.

<<  <   >  >>