للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّسِيء (١)، وما كانوا عليه من المَيسر والأزلام (٢)، وما كانوا يعتمِدونه مع مَنْ يطوف بالبيت الحرام من تلك الأفعال التي هي أشبهُ بأفعال المجانين؛ كالتعرِّي وما يُشاكِلُه (٣) لا مَقصِدَ لرؤساءِ الجاهلية بِهذه الأمورِ التي كانوا يفعلونَها ويأمرون العِبادَ بها إلا مجردُ ارتفاعِ الذِّكْر، وإظهارِ اقتدارهم على تنفيذِ ما يُريدونه، وقبولِ الناس لِما يأمرونَهم به، وإن كانت أمورًا متكرِّرة، وبلايا متعددة، وأعمالًا شاقةً.

فتدبَّرْ هذا وتأمَّلْه لتكونَ على حذَرٍ من نَفاقِ ما جاؤوا به من الحيل الباطلة عندك، وإلَّا كنتَ كالبهيمة التي لا تمنعُ ظهرَها مِنْ راكبٍ، ولا تستعصي على


(١) النسيء: التأخير، حيث كان الكفارُ يؤخِّرون تحريمَ شهرٍ من الأشهُر الحُرُم إذا أرادوا القتالَ فيه، فيجعلون الشهرَ الحرام حلالًا، ثم يحرِّمون شهرًا حلالًا بدلًا منه، ليتمُّوا عدةَ الأشهر الحُرُمِ أربعةً!! وانظر التفاسير عند الآية (٣٧) من سورة «التوبة».
(٢) الأزلام: أقداحُ المَيسر. وقل: حصًى بيضاء كانوا يضربون بها. وهي أنواع كثيرة. انظرها لزامًا في «تفسير القرطبي» (٧/ ٢٨٦ فما بعد).
(٣) حيث كان من سفاهةِ الكفار في الجاهلية أن يطوفوا بالكعبة عرايا تمامًا الرجال منهم والنساء، ويقولون: لا نطوف في ثيابِنا لأننا عَصينا اللَّهَ تعالى فيها!! والقصة مشهورة في السيرة، وفي التفاسير عند الآية (٣٢) من سورة «الأعراف».

<<  <   >  >>