للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مستعمِل.

وقد دلَّت أدلةُ الكتاب والسُّنة على هذا، وكفاك بما قصَّهُ اللَّهُ سبحانه علينا من حِيلةِ أهلِ السَّبت (١)، وقد أورد البخاريُّ في كتاب «الحيل» من «صحيحه» ما يَشفِي ويَكفي (٢)، ولبعض المتأخرين في هذا مصنَّفٌ حافل (٣)، استوعب فيه جميعَ الأدلة، وهي معلومةٌ لعلماءِ الكِتاب والسُّنة، ولكننا اقتصرنا ها هنا على بيانِ الأسباب التي تنشأُ عنها الحِيل، والمفاسدِ التي تتأثر عنها ليكونَ ذلك أوقع للمنصِف، وأوقعَ في نفسه، كما هو دَأْبُنا في هذا المختصَر؛ فإنا نُشيرُ إلى القضية التي ينبغي اجتنابُها بكلماتٍ لا تَنبُو (٤) عنها مسامعُ المُنصِفين، ولا تُنكِرُها قلوبُهم، ولا تَبعُدُ عنها أفهامُهم، وإذا حَصَل المقصودُ بالاختصار؛ لم تَبْقَ للتطويل حاجةٌ، وقد ينفعُ القليلُ نفعًا لا يبلغُه الكثير (٥)؛ على أنَّا لم نكن بصَددِ نشرِ الأدلة وإيراد ألفاظها؛ فإنها معروفةٌ مدوَّنة؛ بل نحن بصددِ الإرشاد إلى الإنصافِ بعباراتٍ تشتملُ على معانٍ قد تحتجبُ عن كثيرٍ من الأذهان، وتبعُد عن غالب الأفهام.


(١) وهم اليهودُ الذين أرادوا خِداعَ ربِّ العالمين وإنْ يخدعون إلا أنفسهم حينما حرَّم عليهم ﷿ الصَّيدَ يومَ السبت، فكانوا يُلقُون الشِّباكَ في الماء يومَ الجمعة، ثم يجمعونها يوم الأحد، ويقولون: هكذا لم نَصطَدْ يوم السبت!!! والقصة معروفة عند الآية (١٦٣) من سورة «الأعراف»؛ فراجع التفاسير.
(٢) انظر «صحيح البخاري» من أول الحديث (٦٩٥٣)، و «فتح الباري» (١٢/ ٣٢٦ ط: السلفية)، أو (١٦/ ٢٣٧ ط: طيبة).
(٣) أشار المعلقان على طبعة «اليمامة» إلى أن المقصود منه الإمام ابن القيم في كتابه «إعلام الموقعين».
(٤) تنبُو: تبتعد.
(٥) والمفهوم من كلام المصنف أن هذه ليست قاعدةً مطردة؛ فالاختصار له مكانه، والتطويل له مكانه أيضًا، والفطن هو الذي يضعُ كلَّ شيءٍ موضعه.

<<  <   >  >>