للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبيِّ .

وهكذا مَنْ خَصَّص بعضَ ورثتِه بنَذْرٍ يُخالفُ ما شَرعه اللَّهُ من الفرائض؛ فهذا ليس هو النذرَ الذي شَرَعه اللَّهُ، بل هو نذرٌ طاغُوتي، فإن النذرَ الذي شَرعه اللَّهُ سبحانه هو الذي يقولُ فيه النبيُّ : «النَّذرُ ما ابتُغي به وجهُ اللَّه» (١)، ويقول: «لا نَذْرَ في معصيةِ اللَّه» كما هو ثابت في «الصحيح» (٢). وهذا الناذرُ أخرَج بعضَ ماله إلى بعضِ ورثته مخالفًا لما فَرَضه اللَّهُ تعالى من المواريث، ثم سمَّى ذلك البعض «نذرًا»؛ لم يَبتغِ به وجهَ اللَّه، ولا أطاعه به؛ بل ابتغى به وجهَ الشيطان الذي وَسوَس له بأنْ يُخالِفَ الشرع، وأطاعه بمعصية اللَّه.

وهكذا مَنْ أخرج بعضَ مالِهِ على تلك الصفةِ بالوَصية؛ فإن هذه الوَصيةَ المتضمِّنةَ للمفاضلةِ بينَ الوَرثةِ ليستَ الوصيةَ التي شَرَعها اللَّهُ لعباده؛ بل وصيةٌ طاغوتية، فإن الوصيةَ الشرعيةَ هي التي يقولُ فيها النبي : «إن اللَّهَ أَعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، ولا وَصيَّةَ لوارثٍ» (٣)، ويقول فيها الربُّ : ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ (٤)[النساء: ١٢]، ويقول فيها:


(١) حسن: رواه أحمد (٢/ ١٨٣)، وأبو داود (٢١٩٢)، والبيهقي في «الكبرى» (١٠/ ٦٧)، وحسَّنه الشيخ شعيب الأرنؤوط، والشيخ الألباني.
(٢) صحيح: رواه أحمد (٢/ ٢٠٧) و (٤/ ٤٣٢)، ومسلم (١٦٤١)، وأبو داود (٣٢٧٣)، والترمذي (١٥٢٤)، والنسائي (٣٨١٢)، وابن ماجه (٢١٢٤).
(٣) صحيح: رواه أحمد (٤/ ١٨٦)، وأبو داود (٢٨٧٠)، والترمذي (٢١٢٠)، والنسائي (٣٦٤١)، وابن ماجه (٢٧١٣)، وابن الجارود في «المنتقى» (٩٤٩)، وصحَّحه الإمام الترمذي، والإمام ابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٣٨١)، والشيخ الألباني، والشيخ شعيب الأرنؤوط.
(٤) قال الإمام ابن كثير : «أي: فلتكن وصيته [أي: المُوصِي] على العدلِ، لا على الإضرار والجَور والحَيف، بأن يَحرِمَ بعضَ الورثة، أو يَنقُصُه، أو يَزيدُه على ما فَرض اللَّه له من الفريضة، فمتى سعى في ذلك كان كمن ضادَّ اللَّهَ في حِكمته وقسمته». «تفسير القرآن العظيم» (٣/ ٣٧٩).

<<  <   >  >>