للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما هذه بأوَّلِ فاقرةٍ (١) جاء بها الشيطان، وحسَّنها لنوع الإنسان، وذاد (٢) بها عبادَ اللَّه عن شرائعه.

ومن أنكر هذا، فلينظر المصنفاتِ في الفقه، ويتَّبِعْ مسائلَها المَبنِيةَ على مجرد القياس المبنيِّ على غير أساس، مع وجود أدلةٍ نيرة وبراهينَ مرْضية، ومن هذا الباب دخل أهلُ الرأي، وإليه خرجوا مِنْ أبواب الأدلةِ الثابتة في كتاب اللَّه وسُنة رسوله .

وهامةُ هِمَّتِهِ في الثريَّا … فكنْ رجُلًا رِجلُه في الثَّرى

وكلُّ مَنْ له فهمٌ لا يعزُبُ (٣) عنه أن اللَّه تعالى لم يتعبَّدْ عبادَه بمجرد قولِ عالِمٍ من العلماء أنه قد أفاده مسلكَ «تخريج المناط»، أو «تنقيح المناط»، أو «الشَّبَه»، أو «الدوران» (٤) أو نحو هذا الهذيان؛ هذا على فَرض أنه لم يوجَد في الكتاب والسُّنة ما يخالفُ هذا المسلكَ الذي لا يسلكُه المتورِّعون، ولا يمشي عليه المتديِّنون، فكيف إذا كان الدليلُ المخالفُ له واضحَ المنار، ظاهرَ الاشتهار، قريبَ الديار لمن سافر إليه من أهل الاعتبار؟.

والكلامُ في هذا البحث طويلُ الذيول، وقد أفرده جماعةٌ من أهل العلم بالتصنيف، وليس المرادُ هنا إلا مجردَ التنبيهِ لطالب العلم، وإني وإن حذَّرته عن العمل بِهذا القياس، فلا أُحذِّرُه عن العلم به، وتطويلِ الباع في معرفتِهِ والإحاطةِ بما جاء به المصنِّفون من أهل الأصول في مباحثه؛ فإنه لا يعرفُ


(١) الفاقرة: الداهية.
(٢) ذاد: دَفع وأبعَدَ.
(٣) يَعزُب: يغيب.
(٤) راجع كل هذا في الكلام عن «مسالك العلة» في كتب الأصول، مباحث «القياس».

<<  <   >  >>