للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصحابه الذين هم خير القرون.

ولا أُنكِرُ أنَّ في هذه الطائفةِ مَنْ قد بَلغ في تهذيب نفسِه وغَسْلِها منَ الطواغيتِ الباطنة والأصنامِ المستورةِ عن الناس كالحسدِ، والكِبر، والعُجب، والرياءِ، ومحبةِ الثناءِ والشرف والمال والجاه مَبلغًا عظيمًا، وارتقى مرتقًى جَسيمًا، ولكني أكرهُ له أن يَتداوَى بغير الكتابِ والسُّنة، وأن يتطبَّبَ بغير الطبِّ الذي اختاره اللَّهُ لعباده؛ فإنَّ في القوارعِ (١) القرآنية والزواجِرِ المُصطَفَوية ما يَغسِلُ كلَّ قَذَر، ويَرْحَضُ (٢) كلَّ دَرَن، ويَدمَغُ كلَّ شُبهة، ويدفعُ كلَّ عارضٍ من عَوارضِ السُّوء، فأنا أُحبُّ لكلِّ عليلٍ في الدين أن يتداوى بِهذا الدواء، فيَعكُفُ (٣) على تلاوةِ كتاب اللَّهِ متدبِّرًا له متفهِّمًا لمعانيه؛ باحثًا عن مشكلاته، سائلًا عن مُعضِلاته (٤)، ويُديمُ النظرَ في كتب السنة المعتبرة عند أهلِ الإسلام كالأمهات السِّتِّ وما يلحق بها، ويَستكثرُ من مُطالعةِ السيرةِ النبوية، ويتدبَّرُ ما كان يفعلُه رسولُ اللَّه في ليلِه ونهاره، ويتفكَّرُ في أخلاقه وشمائله (٥)، وهَدْيهِ وسَمْتِه (٦)، وما كان عليه أصحابُه، وكيف كان هَديُهم في عباداتِهم ومعاملاتِهم، فإنه إذا تداوى بِهذا الدواء ولاحَظَتْهُ العنايةُ الربانية (٧)،


(١) القوارع: الزواجر المخيفة.
(٢) يَرحض: يَغسل.
(٣) العُكوف: الملازمة.
(٤) المُعضِلات: مسائله الشدائد.
(٥) الشمائل: الطباع.
(٦) السمت: الهيئة والحال.
(٧) في هذه العبارة وما بعدها نظر؛ لأنه نَسَب الفِعلَ للصفةِ التي يتصفُ بها الربُّ ﷿ وهي العِنايةُ والهداية، وقد قرَّر المحققون أن الفعلَ إنما يُنسب إلى الفاعل وليس إلى صفته. وانظر في هذه القاعدة الهامة: «حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين»، للشيخ الفاضل عبد الرَّحيم السُّلَمي (٢٨٤، ٢٨٥ توزيع دار ابن الجوزي).

<<  <   >  >>