للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في طلب العلم ولم أكنْ إذ ذاك قد عرفتُ شيئًا منه، حتى ما يتعلقُ بالطهارة والصلاة، إلا مجردَ ما يتلقاهُ الصغيرُ من تعليمِ الكبير لكيفيةِ الصلاة والطهارة ونحوهِما، فكان أولُ بحثٍ طالعته بحث: «كونِ الفرْجين من أعضاء الوضوء» (١) في «الأزهار» و «شرْحه» (٢)، لأن الشيخ الذي أردتُ القراءة عليه والأخذَ عنه كان قد بلغ في تدريس تلامذتِه إلى هذا البحث، فلما طالعتُ هذا البحث قبلَ الحضور عند الشيخ، ورأيتُ اختلافَ الأقوال فيه، سألت والدي عن تلك الأقوال: أيُّها يكونُ العملُ عليه؟ فقال: يكونُ العملُ


(١) يقصدُ أنه يجب غسلُ الفرجين بعد أن يَطهُرَا بغَسل النجاسةِ عنهما! وقد قال المصنِّفُ : «قوله (يعني صاحب «الأزهار»): «وفروضُه (أي: الوضوء): غَسلُ الفَرجين بعد إزالة النجاسة»، أقول: جَعلُ الفَرْجين عضوًا من أعضاء الوضوء لم يثبُت عن عالِمٍ من علماء الإسلام قط؛ لا مِنْ الصحابة، ولا من التابعين، ولا من تابعيهم، ولا من أهلِ المذاهب بالأربعة، ولا مِنْ الأئمةِ من أهل البيت. وذِكرُ المصنف له في كتابه هذا قد تَبِع فيه مَنْ تقدَّمه من المصنِّفين في الفروع مِنْ أهل هذه الديار [اليمنيَّة]، وكلُّهم يجعلُ ذلك مذهبًا للهادي، وهو أجلُّ قدرًا من أن يقول به، وليس في كُتبه حرفٌ من ذلك قط! ولا أظنُّ هذه المقالةَ إلَّا صادرةً من بعضِ الموسوِسين في الطهارة، وأهلُ العلم بأسرهم بريئون منها؛ كما أن الشريعة المطهَّرةَ بريئة عنها، وليس في الكتاب ولا في السنة حرفٌ يدل على ذلك بمطابقةٍ، ولا تضمُّنٍ، ولا التزام، ومَن استدل لها بما ورد في الاستنجاء بالماء؛ فهو لا يدري كيف الاستدلال! فإن النزاعَ ليس هو في رفْع النجاسة من الفَرْجين، بل في غسلِهما للوضوء بعد إزالة النجاسة؛ كما ذكره المصنِّفُ هنا، وذَكَره غيرُه» انتهى. «السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» (١/ ٢١٠ دار ابن كثير).
(٢) «الأزهار»: كتاب في «الفقه» على المذهب الزَّيدي، ألَّفه الإمام المهدي أحمد بن يحيى ابن المرتضى اليمني، وهو من نَسل الحسن بن عليِّ بن أبي طالب ، ومتن «الأزهار» شرحه مؤلفه نفسه في كتاب سمَّاه: «الغيثُ المِدرار شرح الأزهار» في أربع مجلَّدات. انظر: مقدمة تحقيق «السيل الجرار»، للشيخ محمد بن صبحي بن حسن ابن حلَّاق (١/ ٦٦ - ٧٧).

<<  <   >  >>