للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذاهب أو عالِمٍ من العلماء، فصَفَت غريزتُه عن أن تتكدَّر بشيءٍ من ذلك، فلم يكن له مأربٌ (١) ولا مَقصِد إلَّا مجردُ معرفةِ ما جاء عن الشارع، فظَفِر بذلك بسهولةٍ من غير مشقةٍ ولا تعب؛ لأنه موجودٌ، إما في كتاب اللَّه وهو بين أظهُرنا في المصاحف الشريفة مفسَّرٌ بتفاسير العلماء الموثوق بهم، وإما في سنةِ رسول اللَّه ، وهي أيضًا موجودةٌ؛ [و] قد ألَّف أهلُ العلم في أدلة المسائل من السُّنة كتبًا متنوعةً، منها ما هو على أبوابِ الفقه، ومنها ما هو على حروف المعجم؛ فكان تناوُلُه يسيرًا، ثم قد تكلَّم الأئمةُ على صحتها وحُسنها وضعفها، فجاؤوا بما لا يَحتاجُ الناظرُ معه إلى غيره، ووَضَعوا في ذلك مؤلفاتٍ مشتملةً على ذلك اشتمالًا على أحسنِ وجهٍ وأبدعِ أسلوب؛ ثم أوضحوا ما في السُّنة من الغريب؛ بل جَمعوا بين المتعارِضات، ورجَّحوا ما هو راجح، ولم يدَعوا شيئًا تدعُو إليه الحاجة؛ فإذا وقف على ذلك مَنْ قد تأهَّل للاجتهاد، وظَفِر بعلومه، أخذه أخذًا غيرَ أخْذِ مَنْ لم يكن كذلك، وعَمِل عليه مطمئنةً به نفسه، ساكنةً إليه، نافرةً عن غيره، هاربةً منه.

* * *


(١) المأرب: الحاجة.

<<  <   >  >>