للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلماءِ دينه وحَمَلَةِ حُجته، وفي كلِّ عصرٍ من هذا الجنس من تقومُ به الحجةُ على العباد (١).

وانظر في أهلِ قُطْرنا، فإنه لا يخفى عليك حالُهم إن كنتَ ممن له اطلاعٌ على أخبار الناس وبحثٌ عن أحوالهم، كالسيد الإمام محمد بن إبراهيم الوزير (٢)؛ فإنه قام داعيًا إلى الدليل في ديارنا هذه في وقتِ غربةٍ، وزمانِ ميلٍ منَ الناس إلى التقليد، وإعراضٍ عن العملِ بالبرهان؛ فناله من أهلِ عصره منَ المحن ما اشتملت عليه مصنفاتُه، حتى ترسَّلَ عليه (٣) مَنْ ترسَّل مِنْ مشائخِه برسالة، حاصلُها الإنكارُ عليه لِما هو فيه من العمل بالدليل وطرْحِ التقليد (٤)، وقام عليه كثيرٌ من الناس، وثَلَبوه (٥) بالنَّظْم والنثر، ولم يضرَّه ذلك شيئًا، بل نشر اللَّهُ من علومهِ وأظهر من معارفِه ما طار كلَّ مَطار.

ثم جاء بعده مع طولِ فصلٍ وبُعدِ عهدٍ السيد العلَّامة الحسن بن أحمد الجلال، والعلَّامة صالح بن مَهْديٍّ المَقْبَلي (٦)، فنالَا من المحَن والعداوةِ مِنْ أهل عصرهِما ما حَمَل الأول على استقراره في «هجرة الجراف» (٧)


(١) ونحسَبُ أن الإمامَ الشوكاني نال من الشهرة والصِّيت والانتفاعِ بعلومه الجليلةِ نصيبًا موفورًا مما ناله مَنْ حكى أحوالهم، وتلك مِنةُ اللَّهِ وفضلُه وثوابُه العاجلُ في الدنيا قبل الآخرة؛ وما ذاك إلَّا باتباع الدليل ونبذِ التقليد.
(٢) العلَّامة البارع صاحب «العواصم من القواصم»، و «إيثار الحق على الخلق».
(٣) ترسَّل: أرسل الرسائل.
(٤) انظر: مقدمة «العواصم من القواصم»، بتحقيق الشيخ الجليل شعيب الأرنؤوط.
(٥) ثلبوه: عابوه وانتقصوه وطعنوا فيه.
(٦) العلَّامة الكبير صاحب «العَلَم الشامخ»، انظر ترجمته في «البدر الطالع» (رقم ٢٠٤).
(٧) اسم بلدةٍ.

<<  <   >  >>