للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبِهذا السبب (١) بَقِي مَنْ بقي على الكفر منَ العرب وغيرِهم بعد قيام الحجة عليهم، وظهورِ الحق لهم؛ وبه نافَق مَنْ نافق، ووقع في الإسلام مِنْ أهل العلم بذلك السبب عجائبُ مودَعةٌ بطونَ كتب التاريخ.

وكم من عالمٍ قد مال إلى هَوى مَلِكٍ من الملوك، فوافقه على ما يريد، وحسَّن له ما يخالف الشرع، وتظهَّر له بما يَنفُقُ لديه من المذاهب؛ بل قد وضع بعضُ المحدِّثين للملوك أحاديثَ عن رسول اللَّه ، كما وقع من وَهْب بن وَهْب [أبي] البَختريِّ (٢) مع الرشيد (٣).


(١) أي: حب الشرف والمال.
(٢) وهو كذَّاب؛ كذَّبه الإمام أحمد ؛ وكثيرٌ من علماء السلف، ومنهم مَنْ سكت عنه. وله ترجمةٌ ضافيةٌ في «تاريخ بغداد» (١٥/ ٦٢٥)، ومصادر أخرى كثيرة.
(٣) ذكر الخطيب في «تاريخ بغداد» (١٥/ ٦٢٨) عن زكريا الساجي قال: «بلغني أن أبا البَختريِّ دخل على الرشيد وهو قاضٍ، وهارون إذ ذاك يُطيِّرُ الحمام، فقال: هل تحفظ في هذا شيئًا؟ فقال: حدثني هشامُ بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي كان يُطيِّرُ الحمام. فقال: اخرج عني! لولا أنه رجلٌ من قريش لعزلته». وقد علَّق الشيخ بشار عوَّاد على هذه القصة في تحقيقه لتاريخ بغداد قائلًا: «موضوع: تجرد صاحب الترجمة يعني أبا البختري من الحياء من رسول اللَّه ليتزلَّف إلى السلطان؛ فقبحه اللَّهُ». وجاء في «تاريخ بغداد» أيضًا (١٥/ ٦٣١): أنه مِنْ واضعي الزيادة المكذوبة في حديث «لا سَبَق إلا في خُفٍّ أو حافرٍ أو نصْل»، فزاد: «أو جَناح»، وانظر التعليق على هذا قريبًا.

<<  <   >  >>