للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيا هذا لا حيَّاكَ اللَّهُ، أيكونُ فِعلُ سُنةِ الرَّفع التي اجتمع على روايتها عن رسول اللَّه العشَرةُ المبشَّرَةُ بالجنة، ومعهم زيادةٌ على أربعينَ صحابيًّا رِدَّةً وكفرًا وخروجًا من المِلة الإسلامية؟!! أتدري ما صنعتَ بنفسك يا جاهل؟! عَمَدتَ إلى سُنةٍ من السننِ الثابتةِ ثبوتًا متواترًا فتركتَها، ولم تَقْنَعْ لمجرد إنكار ثبوتها؛ بل جاوزتَ ذلك إلى أن جعلتها رِدَّةً؛ فجَنَيتَ على صاحب الشريعة أولًا، ثم على كل مسلمٍ يفعلُ هذه السُّنةَ ثانيًا، ثم على نفسك ثالثًا؛ فخِبتَ وخَسِرتَ، وخَبَطتَ خبطًا ليس مِنْ شأن مَنْ هو مِثلُك من أُسَرَاءِ (١) التقليدِ وأتباعِ التعصُّب، وكَفَّرتَ عالِمًا من علماء المسلمين يَفعلُ سُنةً من سُنن سيد المرسلين!.

فما بالُك بِهذا! وأنت تعترفُ على نفسك أنك لا تعرفُ الحق، ولا تَعقِلُ الصواب في مسائلِ الطهارة والتخلِّي (٢) والوضوء والصلاة؟! فكيف قُمتَ هاهنا مقامَ تكفير المسلمين، والحُكمِ عليهم بصريحِ الرِّدَّة، جازمًا بذلك، متحدِّثًا به، مطمئِنًّا إليه؟!.

فما أوجَبَ إنكارَ مثلِ هذا المنكَرِ على أئمَّةِ المسلمين وأُولي الأمر منهم! فإن التنكيلَ بِهذا المتكلِّمِ بمثل هذا الكلام بالحَبسِ وسائر أنواع التعزير التي تردعُه، وتردعُ أمثاله من أهل التعصُّبِ عن انتهاك أعراض المسلمين، والتلاعبِ بعلماء الدين مِنْ أعظمِ ما يَتقرَّبُ به المتقرِّبون، وأفضلِ ما يفعلُه مَنْ وَلَّاه اللَّهُ مِنْ أمر عباده شيئًا؛ فإن غالبَ ما يَصدُرُ من هؤلاء المتعصِّبةِ مِنْ تمزيقِ أعراض علماءِ الدين المُتمسِّكين بالسُّننِ الصحيحةِ الثابتةِ في هذه الشريعة هو راجعٌ إلى الطعنِ على الشريعة، والردِّ لِما جاءت به، وتقليبِ السُّننِ بِدَعًا،


(١) أُسراء: أسرى. (٢) التخلِّي: قضاء الحاجة.

<<  <   >  >>