عادَوه عداوةً أشدَّ من عداوتِهم لليهودِ والنصارى، وظنُّوا أنه على شريعةٍ أُخرى، وعلى دينٍ غيرِ دين الإسلام، وأوقعوا في أذهانِ العوامِّ أنه ناصِبِيٌّ (١)! فانتقلوا مِنْ فِعله لهذه السنن أو أحدها إلى النَّصْبِ الذي هو بُغضُ عليٍّ ﵁، وحكموا عليه به حُكمًا جازمًا! فانظر هذا الصُّنعَ الشنيعَ الذي هو شبيهٌ بلعِب الصبيان!.
ومما أَحكيهِ لك: أني أدركتُ في أوائلِ أيام طلبي رجلًا يقال له: «الفقيه صالح النهمي»؛ قد اشتُهر في الناس بالعلم والزهدِ، وطَلَبَ علومَ الاجتهاد طلبًا قويًّا، فأدركها إدراكًا جيدًا، فرفع يديه في بعض الصلوات، ورآه يفعلُ ذلك بعضُ المدرِّسين في علم الفقه المشهورين بالتحقيقِ فيه والإتقانِ له، فقال:«اليوم ارتدَّ الفقيهُ صالح»!.
فانظرْ هذه الكلمةَ مِنْ مِثل هذا مع شُهرته في الناس، واجتماعِ كثيرٍ مِنْ طلبةِ علم الفروع عليه في «جامع صنعاء»، وشَيبِهِ الناصع، وثيابِه الحسنة، كيف موقعُها في قلوب العامة؟! وما تراهم يعتقِدون في الفاعل لذلك بعدَ هذا؟!.
فأبعَدَ اللَّهُ هذا عالِمًا ومن ذهب لهذا المذهب وإن كان لا عالِمٌ ولا علمٌ؛ فإن مَنْ لا يَعقلُ الحُجةَ، ولا يفهم إلا مجردَ الرأي لا الرواية ليس من العلم في شيء، ولا يستحقُّ الدخولَ في بابٍ من أبوابه، ولا ينبغي وصفُه بشيءٍ من صفاته.