للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقَبَّح اللَّهُ أهلَ البدع، وقلَّل عددهم، وأراحَ منهم؛ فإنهم أضرُّ على الشريعةِ من كلِّ شيءٍ، قد شغلوا أنفسهم بمسائلَ معروفةٍ هي رأسُ مذهبِهم وأساسُه، وتركوا ما عدا ذلك، وعابوه، وعادَوا أهله، انظر الرافضة؛ فإنك تجدُ أكثرَ ما لديهم وأعظمَ ما يشتغلون به ويكتبونه ويحفظونه: مثالبَ الصحابة المكذوبةَ عليهم؛ ليتوصَّلوا بذلك إلى ما هو غايةُ ما لديهم من السبِّ والثَّلْب لهم صانَهم اللَّهُ، وكَبَت مُبغِضِيهم، ثم يعتبرون الناسَ جميعًا بِهذه المسألة، فمَن وافقهم فيها فهو المسلمُ حقًّا وإن فَعَل ما فَعَل، ومَن خالفهم في هذه المسألةِ فهو المُبطِلُ المبتدع وإن كان على جانبٍ مِنْ الورع وحظٍّ من التقوى لا يُقادَرُ قَدرُهُما.

وقد يضمُّون إلى هذه المسألةِ التظهُّرَ بجَمع الصلوات، وتركِ الجُمَع، كما قلتُه في أبيات:

تشيُّعُ الأقوامِ في عَصرِنا … مُنحصرٌ في بِدَعٍ تُبتَدَعْ:

عداوةُ السُّنةِ، والثَّلبُ للأسلافِ، … والجَمعُ، وتركُ الجُمَعْ

وأما مِعيارُ (١) التشيُّع في ديارِنا هذه عند جماعةٍ من الزيدية لا عند جميعهم: فيَزيدون على هذه الأربع خامسةً، وهى التظهُّرُ بترك بعضٍ مِنْ سنُن الصلاة كالرَّفع والضَّم (٢)؛ فإن أهلَ الطبقةِ التي ذكرنا لك أنها أصلُ الشرِّ إذا رأَوا مَنْ يفعل الرفعَ والضمَّ ونحوَهُما كالتوجُّهِ في الصلاة بعد التكبير (٣)، والتورُّكِ في التشهد الأخير، والدعاءِ في الصلاة بغير ما قد عرفوه:


(١) المِعيار: الميزان.
(٢) أي: كرفع اليدين، وضمِّ الأصابع. أو لعله يقصد ضمَّ العقبين في السجود.
(٣) يقصد دعاء الاستفتاح بعد التكبير، وهو قوله : «وَجَّهتُ وجهيَ للذي فَطَر السماوات والأرضَ حنيفًا، وما أنا من المُشرِكين، إنَّ صلاتي ونُسُكي ومَحيايَ ومماتي للَّهِ ربِّ العالمين … » الحديث. وهو صحيح: رواه أحمد (٧٢٩)، ومسلم (٧٧١)، وأبو داود (١٥٠٩)، والترمذي (٢٦٦)، والنسائي (٢/ ١٢٩)، وابن حبان (١٧٧١).

<<  <   >  >>