يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اهد أم أبي هريرة". فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف، فسمعت أمي خشف قدمي فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء، قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال: فرجعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا، قال: قلت: يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم حبب عبيدك هذا يعني أبا هريرة وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين". فما خُلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني.
٢٢١ - ٢/ ٦٢٦، ٦٢٧ (٤٢٥٥) قال: أخبرنا أبو النصر أحمد بن الفضل الكاتب بهمدان، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، حدثنا إبراهيم بن المنذر الخزامي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: قلت لعروة بن الزبير: كم لبث النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة قال: عشر سنين. قلت: فإن ابن عباس يقول: لبث بضع عشرة حجة، قال: إنما أخذه من قول الشاعر. قال سفيان بن عيينة: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سمعت عجوزا من الأنصار تقول: رأيت ابن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس يتعلم منه هذه الأبيات:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو ألفي صديقا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم يرى من يؤوي ولم ير داعيا
فلما أتانا واستقرت به النوى ... وأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وأصبح ما يخشى ظلامة السهو ... بعيد وما يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الأموال من جل مالنا ... وأنفسنا ثم الوغا والتأسيا