ومع هذا لم أجد أحدا قد استوعب ما أوهم فيه الحاكم - رحمه الله - فيما استدركه مما ليس من باب الاستدرك عليهما إذ قد خرجاه أو خرجه أحدهما. غير أن الإِمام الذهبي - رحمه الله - استدرك على الحاكم ستة وثلاثين حديثا في تلخيصه للمستدرك، كما قد أشار بعض أئمة الحديث كابن الصلاح والعراقي وابن كثير وابن حجر إلى هذه المسألة دون استيعاب.
من أجل ذلك قويت الهمة في كتابة هذه الدراسة لكتاب المستدرك والتي قصرتها على بيان ما قاله الحاكم - رحمه الله: صحيح ولم يخرجاه، وهما قد أخرجاه أو أخرجه أحدهما.
[قصة الكتاب]
ولهذه الدراسة قصة في ابتدائها، فقد كنت وأنا أعمل في كتابي (فتح الجواد الكريم في اختصار وتحقيق تفسير القرآن العظيم) وقفت على تعليق للحافظ ابن كثير في مواضع معدودة من كتابه يذكر حديثا للحاكم في المستدرك ثم يقول: قال الحاكم صحيح على شرطهما ولم يخرجاه. ثم يقول ابن كثير: كذا قال .. ويشير إلى أنه في الصحيحين أو في أحدهما، فلفت انتباهي لذلك؛ وكذا كنت أجد في تخريجي لبعض الأحاديث ما أشار إليه الحافظ ابن كثير - رحمه الله - غير أني لم أكن ألتفت لذلك لما أعلمه من أن هذا الباب لا يسلم منه أحد، فلما تكرر وقوفي على ذلك، رأيت لزاما علي أن أسجل ما أجده من هذه الأحاديث ثم أنظر فيها بعد فراغي مما كنت فيه؛ فبدأت أجمع ما يكون من هذا الباب فاجتمع عندي قريبا من مائة حديث، فعرضت ذلك على بعض أهل العلم بالحديث فأشار علي بتتبع ذلك، فقوى من همتي وشحذ من نشاطي فأخذت في تتبع ذلك في المستدرك كله حتى خرجت هذه الدراسة بفضل الله تعالى، وله الحمد والمنة.
فلما اجتمعت مادة الكتاب رأيت أن أقدم له بترجمة للحاكم رحمه الله، ثم دراسة لكتابه مما وفقني الله تعالى بالوقوف عليه، مع كتابة موجزة عن الوهم