قلت: بل أخرجه البخاري في سياق الحديث السابق (٣٩٠٦) كتاب (المناقب) باب (هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة) قال: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل قال ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ... الحديث؛ قال البخاري: قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي، وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم، أن أباه أخبره، أنه سمع سراقة بن جعشم يقول: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر دية كل واحد منهما: من قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سراقة إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجه الأرض وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها: أضرهم أم لا؟! فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام تقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني