- رحمه الله - تبع الحاكم كثيرا في بعض أوهامه، ولعل ذلك لأنه لم يتسن له أن يرجع دائما إلى المصادر. وقد مر بك قوله: وبكل حال، فهو كتاب مفيد قد اختصرته ويعوز عملا وتحريرا. ا. هـ. وقد وجدته كثيرا ما يقول: على شرط البخاري ومسلم، وقد يكونا أخرجاه أو أخرجه أحدهما، وإنما استدرك من ذلك طائفة قليلة؛ وقد قال الحاكم تعقيبا على حديث أبي شريح الكعبي في الضيافة: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد صحت الرواية فيه أيضًا عن أبي هريرة، وأظنهما قد خرجاه، والذي عندي أن الشيخين رضي الله عنهما أهملا حديث أبي شريح لرواية عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه. فاختصر ذلك الذهبي قال: وصح من طريق أبي هريرة، وأظن أخرجاه.
وغلبة الظن أن الحافظ الذهبي كانت تعليقاته على المستدرك متباعدة، بحيث أنه كان ينسى ما علق به على الحديث في موضعه الأول إذا تكرر، فقد تكرر منه المخالفة في التعليق عند تكرار الحديث: مثاله: ما علق به على الحديث رقم (٧٤٨٦) قال: قد أخرجه البخاري. ولما تكرر برقم (٨٢٧٦) قال: على شرط البخاري ومسلم.
والذي يظهر لي من استقراء تعليقات الذهبي - رحمه الله - أنه إذا قال: على شرط البخاري ومسلم، ولم يقيده بشيء فمراده: ولم يخرجاه، كما ذهب إليه الحاكم, لأنه يذكر في استدراكاته ما يراه صوابا، فيقول مثلا: ذا في مسلم، أو: ذا في البخاري، أو نحو ذلك. بل قال تعليقا على الحديث رقم (٦٧٥٨) على شرط البخاري ومسلم إن لم يكونا أخرجاه. ا. هـ. فظهر أن مراده ما أسلفنا.
وليس معنى سكوت الذهبي عن الحكم على الحديث الموافقة أو المخالفة للحاكم، فقد يرجىء الحكم للنظر: هل الحديث رواه الشيخان أو أحدهما أو لا؟ بل إنه حذف بعض الأحاديث من التلخيص، وقد أخرجها الشيخان أو أحدهما.