للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضمان المشتري (المصرف)، ويبيعها المشتري بالمرابحة قبل أن تتميز، وتضمن من قِبل المشتري الذي هو المصرف، فيقع في هذه المعاملة محظور (ربح ما لم يضمنْ) (١)، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحلّ سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن" (٢).

فالمعاملاتُ التي تجري في بورصات السِّلع العالمية هي بيوعٌ صورية ليست حقيقية، ولذلك نجد أن المصارفَ قد اشترطتِ الشروط الخمسة المذكورة سابقًا، لتكون تلك المعاملات عمليات حقيقية، وليست عمليات صورية، والحقيقةُ أن تلك الشروط لا يتمُّ تفعيلها في الواقع العملي، وحتى لو تمَّ تفعيلها في الميدان، فإننا لن نسلم من وقوعنا في ربح ما لم يضمن.

٢ - وعلى فرض أن السِّلعةَ قد عُينت، وحُدِّدت، والقَولُ بـ (القبض الحكمي) الذي يحكم بانتقال الضمان بمجرد العقد إذا تعينت السِّلعة، فإننا نقعُ في إشكالية أخرى، وهي: أن القبضَ الحكميَّ كما يكون طريقًا للتيسير، فإنه يكون طريقًا للاحتيال والتلاعب، فعمليةُ التَّورُّق في مرابحات السِّلع الدولية مع المؤسَّسات المالية "تتمُّ برأس مال كبير، وسرعة فائقة، فاحتمال التلاعب فيها وارد، وبخاصة أن التَّعامُلَ في أصله مع جهات أجنبية تجهل الدِّيْن، وأحكامه، بل لا تدينُ به، وقد يكون الطرف الآخر ممن لا يأنفُ الرِّبا أيضًا، وهذا لا يناسبه الاعتبار بالقبض الحكمي" (٣).


(١) انظر: أحكام التَّورُّق وتطبيقاته المصرفية. محمد تقي العثماني (٢٤).
(٢) سنن أبي داود كتاب الإجارة باب: في الرجل يبيع ما ليس عنده (٣/ ٢٨٣) رقم (٣٥٠٤) وسنن الترمذي. كتاب البيوع باب: ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك (٣/ ٥٣٤) رقم (١٢٣٤) وسنن النسائي كتاب البيوع باب: سلف وبيع (٧/ ٢٩٥) رقم (٤٦٢٩) يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهو حديث صحيح". انظر: الفتاوى الكبرى (٦/ ١٧٧).
(٣) التَّورُّق كما تجريه المصارف في الوقت الحاضر. عبد الله السعيدي (٣٥).

<<  <   >  >>