وإذا نظرنا إلى هذه المعاملة من جهة مآلها، فإنه يبدو -والله أعلم- أنها من قبيل (القَرْض الرَّبوي) فإن المصارفَ تهتم كثيرًا بالشكل الظاهري لعملياتها التَّمويلية، وتحاول بقدر الإمكانِ أن تجعلَ الإجراءات لتلك العمليات خاضعة للضوابط الشرعية، ومع اهتمامهم بالشكل الظَّاهري، غير أنهم يغفلُون عن المآل والمقصد من تلك العمليات، وعملية التَّورُّق في مرابحات السِّلع الدولية مع المؤسَّسات المالية هي في حقيقتها قرض ربوي، فالمُتَوَرِّق -سواء كان هو وكيلَ المصرف (المؤسَّسة المالية) أو طرفًا آخرَ غير الوكيل- يحصل على سيولة نقدية مقابل زيادة في ذمته، واتخذت صورة البيع والشراء، والوكالة ستارًا لذلك.
ومما يؤيدُ هذا أننا لو وضعنا هذه المعاملة، وقاعدة [المدخلات والمخرجات](١) في ميزان المقارنة، لوجدنا أن محصلة التَّعامُل بين الأطراف المشتركة في هذه المعاملة هي نقد حاضر بزيادة في الذمة، وهذه هي حقيقة الرِّبا.
ولو قيل: لو وضعنا التَّورُّق الفردي المعروف عند الفقهاء، وقاعدة [المدخلات والمخرجات] في ميزان المقارنة، لوجدنا أن المحصلة النهائية للتَّورُّق الفردي هي نفسها المحصلة النهائية لعملية التَّورُّق في مرابحات السِّلع الدولية، مع المؤسَّسات المالية!!.
والجواب عن هذا الاعتراض يتَّضح في أمرين:
١ - لو تأملنا إجراءات عملية التَّورُّق في مرابحات السِّلع الدولية مع
(١) معنى هذه القاعدة: أن تقويم التعامل بين طرفي الصفقة يتم من خلال النظر في مدخلاتها ومخرجاتها ككل، دون النظر إلى تفاصيل ما يدور بين طرفيها، فينظر للمحصلة النهائية، ولا عبرة بما توسط ذلك من عقود. انظر: الفروق للقرافي (٣/ ١٠٥٧)، وانظر: التَّورُّق والتَّورُّق المنظم. سامي السويلم (٦٦).