المؤسَّسات المالية، فإنها ليست على بساطة التَّورُّق المعروف عند الفقهاء، وإذا كان التَّورُّق الفردي فيه خلاف بين الفقهاء وهو على صورته البسيطة، فما بالك بإجراءات هذه المعاملة البالغة التعقيد والصعوبة، والتي تقوم على أربعة عقود اتخذت ستارًا للتحايل على الرِّبا، إضافة إلى علم كل الأطراف المشتركة في هذه المعاملة، بما تؤول إليه هذه المعاملة، في حين أن كل طرف من الأطراف المشتركة في التَّورُّق الفردي لا يعلمُ بمراد الآخر في الغالب.
٢ - أن تقويم عملية التَّورُّق في مرابحات السِّلع الدولية مع المؤسَّسات المالية من الناحية الاقتصادية، يعكس لنا الفرق الشاسع بين هذه المعاملة وعملية التَّورُّق الفردي، فعمليات التَّورُّق في مرابحاتِ السِّلع الدولية مع المؤسَّسات المالية لا تفيدُ في تنشيط الحركة الاقتصادية؛ لأن السِّلع التي هي محلّ المعاملة تكاد تكون جامدة في مخازنها، فلا تنتقلُ من مكانها مع أنه يجري على تلك السِّلع العشرات من العُقُود، ومن اطلع على بيانات بعض العُقُود يجد أن رقمَ السِّلعة التي هي محلّ العملية يتكرر دائمًا، وهذا يدل على أن السِّلعة جامدةٌ في مكانها، فلا تفيدُ هذه المعاملة في تنشيط الحركة الاقتصادية، بينما نجد التَّورُّق الفردي يفيدُ في تنشيط الحركة الاقتصادية نوعًا ما، فالمُتَوَرِّق يشتري السِّلعة بثمن مؤجَّل، ثم يقوم ببيعها على طرف آخر بنقد، فتنتقلُ السِّلعة، ولا تبقى جامدة، وانتقال السِّلع من مكان إلى آخر يدلّ على وجود الحركة في السُّوق، وهذا بدوره يفيد في تنشيط الحركة الاقتصادية.
ومما سبق يمكن القَولُ بأن التكييف الفقهي لهذه المعاملة يكون من جهتين:
١ - من جهة الإجراءات الشكلية للمعاملة: فإنها تكون من قبيل (ربح ما لم يضمن) لأن المصرفَ يبيع السِّلعة مرابحة قبل أن تكون في ضمانه، والنبي عليه