للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإِسلام: "وإن كان موسرًا كان عليه الوفاء، فلا حاجةَ إلى القلب لا مع يساره، ولا مع إعساره" (١).

وهذا يدلُّ على أن تقييدَ العلماء المنع بالمعسر لا مفهومَ له، بمعنى أن العلماء قيدوا منع قلب الدَّيْن بالمدين المعسر؛ لأنَّ غالبَ القلب في العادة لا يكون إلا على معسر، والموسر يجب عليه الوفاء، فلا حاجةَ إلى قلبه،

ويمكن أن نقول: إن تقييد المنع بالإعسار لا مفهوم له؛ لأنَّ صفة الإعسار خرجتْ مخرج الغالب، فلا يعتبر مفهومها، يقول القرافيُّ: "إنما قال العلماءُ أن مفهومَ الصفة إذا خرجت مخرج الغالب لا يكون حُجَّة ولا دالًا على انتفاء الحكم عن المسكوت عنه، بسبب أن الصفة الغالبة على الحقيقة تكون لازمة لها في الذهن بسبب الغلبة، فإذا استحضرها المتكلمُ ليحكم عليها حضرت معها تلك الصفة، فنطق بها المتكلم لحضورها في الذهن مع المحكوم عليه، لا أنه استحضرها ليفيد بها انتفاء الحكم عن المسكوت عنه" (٢).

وبذلك نعرف أن الدكتور محمَّد القريّ أجاز للمدين الموسر الدخول في عملية التَّورُّق المصرفي مع البنك الدائن، والتي تُعَدُّ من قبيل قلب الدَّيْن، بناءً على مفهوم المخالفة، الذي فهمه من نصوص العلماء، حينما قيدوا منع قلب الدَّيْن بالإعسار، وهذا المفهومُ كما ذكرت لا عبرة له؛ لأن صفة الإعسار خرجتْ مخرج الغالب، فلا مفهومَ لها.


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (١٩/ ٤١٩).
(٢) شرح تنقيح الفصول للقرافي (٢٧٢).

<<  <   >  >>