للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنواع الرِّبا، وهو كما يسميه العلماءُ بربا الجاهلية، فقد كان معروفًا عند الجاهلية بصورته البسيطة الواضحة، وذلك بأن يقولَ الدائن للمدين: إما أن تقضي وإما أن تربي، فإن وفَّاه وإلا زاد الدائن في الأجل، وزاد المدينُ في المال، يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (١)

يقول قتادة: "إنَّ ربا أهل الجاهلية يبيعُ الرجلُ البيعَ إلى أجل مسمى، فإذا حل الأجل، ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده، وأخر عنه" (٢).

وجاء في التفسير: "إنما كان الرِّبا في الجاهلية في التضعيف، وفي السن يكونُ للرجل فَضْل دين، فيأتيه إذا حلَّ الأَجَلُ، فيقول له: تقضيني، أو تزيدني، فإن كان عنده شيء يقضيه قضى، وإلا حوله إلى السّن التي فوق ذلك، إن كانت ابنة مخاض يجعلها ابنة لبون في السنة الثانية، ثمَّ حقّة، ثمَّ جذعة، ثمَّ رباعيًا، ثمَّ هكذا إلى فوق، وفي العين يأتيه؛ فإن لم يكنْ عنده أضعفه في العام القابل، فإن لم يكن عنده أضعفه أيضًا، فتكون مئة فيجعلها إلى قابل مئتين فإن لم يكن عنده جعلها أربعمئة، يضعفها له كل سنة، أو يقضيه" (٣).

والأضعافُ المضاعفةُ التي وردت في الآية هي وصفٌ لواقع، وليست شرطًا يتعلق به الحكم، والآيات التي وردتْ في سورة البقرة قاطعة في حرمة أصل الرِّبا بلا تحديد ولا تقييد {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (٤).

أيًا كان، فالأضعافُ المضاعفةُ وصفٌ ملازمٌ للنظام الربوي المقيت أيًا كان سعر الفائدة، والنظام الربوي يعني إقامة دورة المال كلها على هذه القاعدة،


(١) سورة آل عمران آية (١٣٠).
(٢) تفسير الطبري (٣/ ١٠١).
(٣) المرجع السابق (٤/ ٩٠).
(٤) سورة البقرة آية (٢٧٨).

<<  <   >  >>