للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّرخسيَّ يقول بهذا التعريف، فالحنفيةُ يوردون التَّوَرُّق ضمن صور العِيْنَة كما ذكرت سابقًا في تعريف التَّوَرُّق، وهم لم يصرِّحوا بذكر التَّوَرُّق استقلالًا، وإنَّما يذكرونه كصورةٍ جائزةٍ من صُور العِيْنَة، ولذلك صار تعريفُ بعضِ الحنفيةِ للعينة شاملًا للتَّورُّق الجائز، بناءً على أن التَّوَرُّقَ صورةٌ من صور العِيْنَة.

وعرَّفها بعضُهم بأنها شراءُ ما باع بأقلّ ممَّا باع قبل نقد الثمن (١)، وهذا التعريفُ فيه تمييزٌ للعينة عن التَّوَرُّق؛ لأنه يعطي ما يفيد أن المعاملةَ قد حصلتْ بين طرفين فقط، وأن البائعَ الأولَ عاد ليكونَ مشتريًا للسِّلعة التي باعها.

٢ - تعريفُ بيع العِيْنَة عند المالكية:

المالكيةُ يذكرونَ العِيْنَة تحت بيوع الآجال، وُيعرِّفونها بأنها "بيعُ المشتري ما اشتراه لبائعه، أو لوكيله لأجل" (٢). ويُلاحظ في التعريف أنه ذَكَر الوكيلَ، وهو لا يُعَدُّ طرفًا ثالثًا؛ لأنَّ الوكيلَ في مقام الموكّل، ويأخذ أحكامه، والتعريفُ فيه نَصٌّ على إمكانيةِ دخول الوكالةِ في عمليات التَّمويل، سواء كان ذلك تورُّقًا أو عينة، وقد يكونُ دخولُه حيلةً لاستحلال ما حرَّم الله، فمن يرى عمليات التَّوَرُّق التي تجريها المصارفُ اليوم، يجد أنَّها قائمةٌ على التوكيل، وسيأتي بيانُه في الفصل الثاني.

وعرَّفها بعضُهم: "بأن يبيعَ الرجلُ الرجلَ السلعةَ بثمن معلوم إلى أجلٍ، ثم يشتريها منه بأقلّ من ذلك الثمن" (٣)، وعرَّفها بعضُهم بقوله: "بيع من طلبت منه سِلعة للشِّراء، وليست عنده لطالبها بعد شرائها لنفسه من آخر" (٤).


(١) انظر: البحر الرائق لابن نجيم (٦/ ٢٥٦).
(٢) الشرح الصغير على أقرب المسالك لأحمد الدردير (٣/ ١١٦).
(٣) مواهب الجليل لأبي عبد الله محمد المغربي (٤/ ٤٠٤).
(٤) الشرح الصغير على أقرب المسالك لأحمد الدردير (٣/ ١٢٩).

<<  <   >  >>