للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نُوقش الاستدلالُ بهذا الحديث:

أنَّ عُمومَ الحديثِ قد خُصَّ بأن السُّنة، وقواعد الشريعة قد دلَّت على مَنْعِ الإنسان من شراء ما باع بأقلّ ممَّا باع ممن اشترى منه، قبل نقد الثَّمن (١).

الدليلُ الثالث: أنه لما جاز بيعُ السِّلعة التي اشتراها ممَّن اشتراها منه بعد قبض الثمن، فليكنِ الأمرُ كذلك قبلَ القبضِ، حيثُ لا فَرْقَ بينهما.

ونُوقش الدليل:

أنَّ النصَّ وَرَدَ بتحريم العِيْنَة، فلا عبرةَ بقياس يقابله، ثم إنَّه قياسٌ مع الفارق؛ لأنَّ المنعَ من الشِّراء قبل القبض كان بسببِ وجودِ شبهة إرادة الرِّبا، وأما بعد القبض فتنعدمُ هذه الشُّبهة.

وأما القائلون بكراهةِ العِيْنَة، فلعلَّهم يرون أدلةَ المنع لم تنهضْ للدَّلالةِ على التَّحريم.

الفرعُ الثّاني: موقفُ الشَّافعي مِن الأحاديثِ الدّالةِ على تحريمِ العِيْنَة:

تطرَّقتُ فيما سبق عن موقف الشَّافعية من بيع العِيْنَة، وأن الشَّافعي -رحمه الله- قد صرَّح بجواز العِيْنَة في كتابه (الأم) مخالفًا بذلك جُمْهُور العلماء، ولم تكنْ مخالفته عن جهل، أو هوى، وإنَّما أجاز بيع العِيْنَة جَرْيًا على ظاهر العقود، وسلامتها من المَكْر والخِداع، ومن المعروفِ أن الجمهورَ استدلُّوا بحديثِ ابنِ عمرَ، وخبر عائشة - رضي الله عنهما - على تحريمِ العِيْنَة (٢).

ويُلاحَظُ من كلام الشَّافعي في (الأم) أنه لم يتطرَّق لحديث ابن عمر لا من


(١) انظر: فتح الباري لابن حجر (٤/ ٤٠١).
(٢) راجع ص (٦٠) و (٦٣).

<<  <   >  >>