وعوهد النصارى الحياري امتنعوا من مساكنتهم واجتمعوا على اشتراط إبعادهم عن ساحتهم، ولم ينقل فيما استقريته الاستقراء التام أن لهم كنيسة بدار الإسلام حسبنما أشير إليه في مطوي السؤال وصير إلى تحريره فيه بأحسن مقال، ونحوه قول أبي حيان: إنه لم يكن فيهم قط أهل ديار ولا صوامع وانقطاع عن الدنيا، بل هم متطامعون متطاولون لتحصيلها حتى كأنهم لا يؤمنون بآخرة، ولذلك لا يرى فيهم زاهد. ويتأيد بما نقل لي عن شيخنا وأستاذنا أنه قال: كل ما بالقاهرة منها محدث، مستحق الاستهدام، حقيقة بالإزالة والإعدام وكذا قال التقي المقريزي أوحد بالمؤرخين بالاعتراف جميع كنائس القاهرة محدث في الإلام بلا خوف، وقد هدم جلها المسلمون في زمن الناصر محمد بن قلاوون بغير اختياره ومرسومه، بل بتأييد من الله تعالى، العالم بظاهر الأمر ومكتومة ولذلك سبب عجيب، وخبر غريب، وهو أنه بعد فراغ الناس من صلاة الجمعة بقلعة الجبل قام موله في وسط الجامع فصاح صياحًا مزعجًا خرج به عن الحد: اهدموا الكنيسة التي بالقلة وكرر ذلك ثم اضطرب، فتعجب السلطان والأمراء من قوله: ورسم بالفحص عنه فوجد بخرائب التتر من القلعة قد بنيت كنيسة فهدمت، ولم يفرغوا منها حتى جاء الجيران العوام والغوغاء اجتمعوا وقت صلاة الجمعة أيضًا وهدموا عدة كنائس بقناطر السباع ونواحيها ما بها وهو شيء يفوق الوصف حتى صارت كومًا، واتفق مثل ذلك في هذا اليوم أيضًا بالقاهرة حيث صاح شخص آخر من الفقراء بجامع الأزهر بين خروج الخطيب والأذان بقوله: اهدموا كنائس الكفر والطغيان. نعم، الله أكبر، فتح الله ونصر، وصار يزعج نفسه ويصرخ