أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بذلك، وعلى الخامس ابن أبي جمرة مستدلاً له بما حكاه ظنًا منه عن ابن عباس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فذكر بعد استيقاظه هذا الحديث وبقي متفكرًا فيه ثم دخل على بعض أمهات المؤمنين ـ أظنها ميمونة ـ فأخرجت له جبته صلى الله عليه وسلم ومرآته فنظر في المرآة فرأى صورة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ير صورة نفسه انتهى.
وفي ثبوت هذا نظر، بل قال شيخنا: إن الحمل عليه من أبعد المحامل، قال: ويعكر على حمله على ظاهره أن جمعًا جمًا رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة، وخبر الصادق لا يتخلف، وكذا اشتد إنكار القرطبي على من قال: إنه يراه في المنام حقيقة ثم يراه كذلك في اليقظة، وقال الغزالي: ليس معنى "فسيراني في اليقظة" أنه يرى جمسي وبدني، وقال: والآلة تارة تكون حقيقية وتارة تكون خيالية والنفس غير المثال المتخيل، فما رآه من الشكل ليس هو روح المصطفى ولا شخصه بل هو مثال له على التحقيق، وكذا قال في بعض فتاويه: من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني منامًا ـ لم ير حقيقة شخصه الموضوع في روضة المدينة وإنما رأى مثالاً لا شخصه، ثم قال: وذلك المثال مثال روحه المقدسة عن الصورة والشكل، بل نقل القاضي أبو بكر بن العربي القول بأن الرؤية في المنام بعين الرأس حقيقية غلوًا وحماقة، ثم حكى ما نسب لبعض المتكلمين وهو القول بكونها مدركة