كلامه، وإذا لم يكن كذلك لا تسوغ الشهادة بأن فلانًا حبس أو وقف، نعم، يشهد فيه بالاستفاضة قال: ولو لم يعتمد الإرصاد لكان خرقًا لإجماع السلف، لأنهم شاهدوا هذه القرافة الكبرى والصغرى من الزمان المتقدم، وما بني فيها من الترب والدور والمدافن ولم ينكر ذلك أحد من علماء الأعصار لا بقول ولا بفعل بل بنوا قبة الإمام الأعظم الشافعي رضي الله عنه ورحمه، وسائر المزارات، وفي كل هذا دلالة على أنهم رأوا ذلك إرصادًا ولم يروه وقفًا وحبسًا على هذه الجهة المعينة وإلا كان يجب هدم كل بناء ولا يعذر ويمنع المرور للتفرج والاستراحة لأنها مستحقة لمنفعة معينة فلا يجوز في غيرها، قال: والمسألة محتملة جدًا.
وجزم بالثاني أعني كونها وقفًا لا إرصادًا ابن بنت الجميزي والظهير الترمنتي فأفتى كل منهما بهدم ما بني فيها فحكم ابو عبد الله اب نالحاج من المالكية في مدخله عن من يثق به أن الملك الظاهر بيبرس صاحب الظاهرية كان قد عزم على هدم كل ما القرافة من بناء ووافقة الوزير على ذلك في الظاهر وصار يفند واحتال عليه بأن قال له: إن فيها مواضع للأمراء وأخاف من وقوع فتنة بسبب ذلك، واراي أنتستفتي العلماء ليكون ذلك مانعًا لتشويشهم وغيرهم، فاستحسن ذلك وأمر فاستفتي الظهير التزمنتي وابن بنت الجميز ونظراؤهما فاتفقوا على أنه يجب على ولي الأمر هدم ذلككله وإلزام أصحاب البناء بنقل ترابه إلى الكيمان، ولميختلف في ذلك أحد منهم، ولم يلبث أن سافر الظاهر إلى الشام فمات هناك، قال ابن الحاج: فهذا إجماع هؤلاء المتأخرين فكيف يجوز البناء فيها، بل كل من فعل فقد خالفهم.