قلت: وحكى ابن الرفعة عن شيخه الظهير عن ابن بنت الجميزي قال: جاهدت مع الملك الصالح في هدم ما أحدث بقرافة مصر من البناء فقال: أمر فعله والدي ـ يعني الملك الكامل ـ فإنه الذي عمر قبة الإمام الأعظم الشافعي رحمه الله لا أزيله، قال: ودخل الظهير إلى صورة مسجد بناه بعض الناس بقرافة مصر الصغرى فجلس فيه قبل أني صلي له تحية، فقال له بانيه: هلا صليت التحية، فقال: إنه غير مسجد لأن المسجد هو الأرض، والأرض مسبلة لدفن المسلمين أو كما قال. حكاه البدر الزركشي قال: وهذا أمر قد عمت به البلوى، وطمت، ولقد تضاعف البناء حتى انتقل للمباهاة والتنزه بعد أن كان للاعتبار وسلطت المراحيض على أموات المسلمين من الأشراف والأولياء وغيرهم لا حول ولا قوة إلا بالله.
قلت: وظاهر كلام شيخنا رحمه الله التوقف في ثبوت الدليل، ونص قوله جوابًا لسائل سال: قد اشتهر في السفح ما نقل عن عمر رضي الله عنه أنه جعلها مرصدة لدفن المسلمين ولا يلزم من ذلك امتداد السبيل لما لا يطلق عليه اسم السفح بل إذا ثبت ذلك كان ما عدا السفح حكمه حكم الموات، انتهى بحروفه وهو كلام جيد.
وسبقه الولي العراقي رحمه الله فقال جوابًا لمن سأله عن التراب المتخذة بباب النصر كتربة الصوفية وما يحاذيها: هل يجوز لغير من أنشأها أو من أذن له في إنشائها أن يقبر بها ميتًا بغير إذنه أو بغير إذن من هو قائم مقامه كالناظر مثلاً أو لا؟ وإذا لم يجز ذلك فتعرض شخص لموضع منها واساء على القائم بمصالحه بحيث ربما يؤدي لتعطيله فماذا يجب عليه؟ وهل أراضي هذه الترب من الأموات الذي يملك بالإحياء أم لا؟ ما نصه: هذا موت يملك بالإحياء كغيره من الموات ولم يزل الناس على ذلك، يبنون في تلك الموات فيصير الموضع ملكًا للباني فيه، وترفع الأوقاف فيه